اخنقوا #الڪلب ..!

 

 

 


يقولون إن الخبر “ليس أن يعضَّ كلبٌ إنساناً.. لكن الخبر أن يعضَّ إنسانٌ كلباً”.. 

هذا في علوم الإعلام، كما تعلمنا، لكن الواقع الحالي تحت وطأة كورونا بات مملا من كثرة أخبار الإصابات والوفيات، للدرجة التي أصبح فيها الجميع تحت مرمى نيران الحجْر لا يكترثون كثيرا بعدد من “عضَّهم” الفايروس، ووقعوا أسرى انتظار أن ينجح إنسان ما، في معمل ما، بدولة ما.. في أن “يعض” كورونا!

في فيلم أميركي، لا أذكر اسمه، كان مشهد الصحافي المخضرم وهو يتولى تدريب المحرر المبتدئ على كيفية التقاط الأخبار وصناعتها، كانا “دوارين في الشوارع” بتعبير الشاهقة فيروز، حتى تعبا دون جدوى، وبينما هما يتمشيان في منطقة يسكنها كبار الفنانين، ظهر أمامهما كلبٌ صغيرٌ يقترب منهما ويستعرض زينته..
هنا انتبه الصحافي العجوز وتمتم: هذا كلب الفنانة الكبيرة (……..)، ثم أمسك بالكلب من رقبته وخنقه..!
وفيما استغرب المحرر الصغير من فعلته، جرّه المخضرم بعيدا ووقفا يتفرجان.

خلال دقائق، جاءت سيارات الشرطة بدوي صافراتها، على بلاغ من الفنانة الشهيرة بمقتل كلبها المدلل ، ليبتسم الصحافي العجوز ويقول لرفيقه :
ها هو الخبر قد جاءك!

وبالطبع كانت عناوين صحف اليوم التالي : “العثور على كلب الفنانة (…….) قتيلا على يد مجرم”! 
وربما هذا ما دعا صديقي الصحافي المخضرم عادل سيف ليتخذ من عبارة “اخنقوا الكلب” شعارا ساخرا لبعض الأجنة الصحافية المستنسخة التي كانت بالكاد “تفك الخط” تحفيزا لها للبحث عن خبر!

ما يهمنا، أن وراء كل خبر مثير أو مفزع جريمة إذا ليس من المهم أن يكون الضحية إنسانا أو كلبا، لكن الأهم أن يكون هناك عنوان يجذب القارئ، ليس مهمّا أن تتساوى فيه الحياة والموت، بقدر ما تبرز موهبة صناعة الإثارة حتى لو كانت محزنة أو فضائحية، تجعل أغلبنا بنفس شخصية “الهرم” في الفيلم الشهير “الكيت كات”، والمؤسف، أن كثيرين منا، وسط حالة كتلك، أشبه بـ”الشيخ حسني” في ذات الفيلم حيث كان يحاول التغلب على “عماه” بأي طريقة قد لا تخلو من الجنون، يقود الدراجة النارية وهو لا يرى.. يفتي وهو لا يعلم.. “يرغي” وهو لا
يفهم!

في مرحلة حوار الطرشان منزليا، واستسلام “العميان” إعلاميا، لا نزال نستقبل الأخبار الواحد تلو الآخر ببلاهة مقصودة، نتجاوز الأرقام بمجرد مصمصة شفاه، ننتظر يوما يأتي فيه من “يخنق” الكلب.. لا من يخنقنا

عن/
العرب .