من الذي يقوِّض السلطة الشرعية ..؟

 

 


تعالى الكثير من الصراخ من كثير من الأطراف بعد الخطوة التي أقدم عليها المجلس الانتقالي الجنوبي بهدف قطع دابر الفساد والتصدي للعبث بموارد الجنوب وإيقاف سياسات التعذيب الممنهج التي يمارسها أتباع الجناح المتطرف المهيمن على الشرعية تجاه الشعب الجنوبي.

 فجأةً تذكر البعض أن هناك اتفاقاً اسمه "اتفاق الرياض" وأن هناك سلطة، يفترض أن اسمها "السلطة الشرعية"، وراحوا يتباكون على هذا الثنائي ويخيفون العالم من مخاطر تقويضه، ولم يحددوا بالضبط ما وجه الخطر الذي يمثله بيان المجلس الانتقالي في ما يتعلق باتفاق الرياض أو بالسلطة الشرعية.

في العام 2015م كان يمكن لقوى الثورة الجنوبية أن تعلن سيطرتها على عدن ومحافظات الجنوب المحررة فعلا بتضحيات أبنائها، دون أن يعترضها أحد ممن يتباكون اليوم على الشرعية، ببساطة لأن معظم هؤلاء كان ما يزال يوازن بين أي من الطرفين سيختار: شرعية الرئيس هادي (التي كانوا يعتقدون أنها قد انتهت وإلى الأبد) أم شرعية الانقلاب والانقلابيين في صنعاء التي سلموها المدن والمعسكرات بجنودها وقادتها مع الأسلحة والذخائر، لكن الجنوبيين أقروا الانحياز إلى مشروع التحالف العربي واحترموا الأولويات المتمثلة بهزيمة المشروع الفارسي في اليمن، للتفرغ بعد ذلك لحل الملفات العالقة وعلى رأسها ملف القضية الجنوبية، في حين ساهم كل الذين ينوحون حزناً مصطنعاً على السلطة الشرعية في تقويض هذه السلطة وإفراغها من وظيفتها وتحويلها إلى مظلة تمنح الأمان والمشروعية للصوص والأفاقين وجماعات الفساد وللجماعات الإرهابية، التي ما يزالون يرعونها وينمونها حتى اللحظة.
 فمن قوض الشرعية إذن؟ ومن سيطر على مؤسسات الشرعية وحولها إلى جهاز لتعذيب الجنوبيين وتنغيص عيشهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم وتحويل موارد الجنوب إلى أرصدة بنكية وشركات استثمارية ومنشآت عمرانية في مختلف عواصم ومدن العالم الآمنة؟


 ونأتي لاتفاق الرياض الذي بحت أصواتنا ونحن نطالب بتنفيذه، لنسأل: من الذي عرقل تنفيذ هذا الاتفاق ..؟ من الذي احتجز رواتب ومستحقات الموظفين الأمنيين والعسكريين والمدنيين لأشهر متتالية؟ ومن الذي هرَّب المليارات من إيرادات محافظة عدن إلى الخارج وأودعها في حساباته الخاصة؟ ومن الذي عطَّل الخدمات في عدن ومدن الجنوب منذ أبريل 2017م؟ ومن الذي منع سحب القوات من محافظات الجنوب للذهاب إلى الجبهات المواجهة للمشروع الإيراني؟ بل من الذي سلم المدن والمديريات والمواقع العسكرية للحوثين وسحب القوات لمواجهة الجنوب والجنوبيين؟ ومن الذي أصر على استبقاء القوات القبلية القادمة من خولان وبلاد بن معيلي وعمران وحجة وسنحان في أبين وشبوة؟ ومن الذي رفض تحريك ولو كتيبة واحدة من عشرات الألوية الرابضة في صحاري حضرموت والمهرة، لمواجهة العدوان الحوثي على مأرب والجوف؟ ولا نقول لتحرير صنعاء، لأن هذا قد صار هدفاً مؤجلاً حتى تقوم الساعة؟ ومن الذي عرقل قرارات التوافق على تعيين محافظين ومدراء أمن للمحافظات الوارد ذكرها في اتفاق الرياض؟ ومن الذي أعاق تشكيل حكومة الكفاءات وفقا للاتفاق نفسه؟ ومن؟ ومن؟ ومن؟

 أليسوا هم أنفسهم الذين قوضوا مداميك الشرعية واستحوذوا عليها وسخروها لخدمة أغراضهم الحزبية والآيديولوجية؟
 وبالمقابل من الذي يواجه الحوثيين في الضالع ومكيراس وعقبة ثرة والصبيحة وكرش، ويستعيد المواقع التي سلمها أشاوس الشرعية للحوثيين؟

 قرار المجلس الانتقالي لم يكن سوى وسيلة لقطع دابر الفساد وتخفيف العذاب عن مواطني الجنوب جراء ما فعلته بهم سياسات التجويع والتعذيب الممنهج، وتحويل الموارد لمعالجة الكوارث الناجمة عن تلك السياسات، الكوارث التي ظلت عواملها مخفية حتى رفعت الغطاء عنها كارثة فيضانات عدن الأخيرة.

وقد كان بإمكان المجلس الانتقالي اتخاذ هذا القرار بصمت لكنه أراد أن يبلغ الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي أن صبر الجنوبيين له حدود وهذه الحدود قد استنفدت.

 فشكرا للأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وكل دول التحالف ولجميع الأصدقاء الذين ذكَّروا خاطفي الشرعية باتفاق الرياض وحثوهم على سرعة تنفيذه بعد أن نسوه أو تناسوه واعتقدوا أن العالم قد نساه مثلهم، والمجلس الانتقالي ما يزال عند موقفه المتمسك بالاتفاق والمطالب بسرعة تنفيذه وتحرير الشرعية ممن قوضوها وجعلوا منها طاقية إخفاء لكل المنحرفين والعابثين والمستهترين ومحترفي النصب والاحتيال والسطو والغش والتفخيخ والتفجير.

 ونقول لأهلنا في كل محافظات الجنوب: ثقوا أن قرارات المجلس الانتقالي لا تخدم إلا مصلحتكم وأمنكم وسلامتكم، وثقوا أن المجلس الانتقالي وقوات المقاومة الجنوبية حريصون على سلامكم وأمنكم ولن يسمحوا لآي متهور أو طائش أن يتسبب في إراقة قطرة دم جنوبية واحدة

مقالات الكاتب