الجنوب بين إطالة أمد الحرب وآطاله أمد المفاوضات ..!

 

 

 

الجنوب يمتلك كافة مقومات استعادة البناء والاستقرار، لوجود شعب ينشد بناء الدولة المدنية، وبيئة غير حاضنة لقوى التطرف والإرهاب، موقع استراتيجي تتقاطع على ضفاف ممراته المائية المصالح الدولية، ثروة مادية وبشرية، وللجنوب قيادة وطنية موحدة ممثلة في المجلس الانتقالي يمتلك ولاء جماهيري ويحظى بقابلية دول الجوار، شريك المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب، وشريك دول التحالف العربي، أهدافه المشروعة استعادة الدولة الجنوبية العربية بنظام فيدرالي، ضمن النسيج العام لمحيطها الخليجي. 

كل هذه المميزات غابت عن نظر صانع القرار الذي وضع الجنوب في دائرة سياسة إطالة أمد الحرب وآطاله أمد المفاوضات"،كك وربط استقرار العاصمة الجنوبية المدنية عدن، باستقرار العاصمة الجبلية القبلية صنعاء، التي قتلت الوحدة، رفضت الفيدرالية، نكثت كل الاتفاقيات، وتمردت على القرارات الدولية، تحكمها مليشيات أهدافها تصدير الثورة، وشرعية صنعاء المدعومة دوليا هي جزء من منظومة فساد نظام صالح السابق، تسيطر على قرارها الأحزاب الإخوانية والبعثية المتطرفة، الحاضنة لعناصر تنظيم القاعدة وداعش. 

إضافة إلى أن الإرادة الشعبية لن تستطيع خلق بدائل وواقع جديد، لأسباب خضوع وتبعية الأغلبية السكانية لقوة مراكز الثقل القبلي, قوى مستضعفة لا تزال تحلم بعودة أحزاب النظام السابق، لاستعادة السيطرة على أرض جنة عدن، وغنائم أرض وثروات الجنوب، على الرغم من اجتماع إرادة المجتمع الدولي لدعم اليمن، ودعم مجلس التعاون الخليجي لتنفيذ بنود المبادرة الخليجية، ونتائج مؤتمر الحوار الوطني، ألا أن كل تلك الجهود باتت بالفشل، ولم يتغير الوضع تحت عقوبات البند السابع، ونيران عاصفة الحزم. 

وبناء على ذلك تقتضي المصالح عدم ترك عدن ومدن الجنوب تحت نيران حرب الإرهاب وحرب الخدمات، ونهب الموارد، وتمزيق وحدة النسيج الاجتماعي، واستبدال إرث دولة النظام والقانون بنظام الفوضة، وعدم الاستفادة من إرث الانضباط في القوات المسلحة والأمن الجنوبي، واستبدالها بعناصر مدنية ووحدات عسكرية بمسميات شخصية ومناطقية، وقوات أمنية غير مؤهلة وبدون رواتب، في ظل الغلاء وانهيار العملة، وهذا يساعد على انتشار المخدرات وظواهر السلب والنهب، والبسط على الأراضي، وغيرها من العادات الدخيلة على مجتمعنا الجنوبي.

عدن لها خصوصية تستحق من صانع القرار إعادة مراجعة الخطط الاستراتيجية التي ربطت مستقبل المنطقة بسياسة التغيير الشامل، فإذا تشابهه ظروف سقوط الأنظمة الغير مرغوب فيها في العراق وليبيا واليمن، وتتطابق نظام بغداد وصنعاء، من حيث موروث النظام السابق، وظهور مليشيات الحوثي والحشد الشعبي وارتباطهما بطهران التي أعلنت سقوط أربع عواصم عربية، لكن الحقيقة أن العاصمة الجنوبية الخامسة عدن كانت الاستثناء، احتضنت قوى دول التحالف العربي وتحقق الانتصار في زمن الانكسار. 

كل تلك العوامل تظهر أن الجنوب يمتلك مقومات بناء الدولة الحديثة كامتداد طبيعي متجانس مع دولة الجوار، دولة قادرة على حماية الأمن والاستقرار في أهم موقع استراتيجي, الجنوب شريك وفي مع دول التحالف وحتى لا يضيع الوفاء بين الأشقاء، المسؤولية الأخلاقية تفرض الإسناد للخروج من دائرة سياسة إطالة أمد الحرب وآطاله أمد المفاوضات. بعد أن أثبتت نتائج الحرب واقع جديد يؤكد استحالة استمرار الربط بين المتناقضات، بل النجاح في فك الارتباط وتمكين المجلس الانتقالي من حماية وإدارة الأرض والموارد.