الى تجار الحروب وصناع الجرائم والازمات الاقتصادية .. لاجريمة من دون عقاب

 

 

تناولت وسائل اعلام اليوم وقائع جريمة جديدة مسرحها مصافي عدن وتمثلت اولى مؤشراتها الجنائية في احداث خرق في احد الانابيب التي تضخ النفط بهدف اشعالها وتفجيرها.. وان كانت المؤشرات والمخرجات الفنية لهذه الجريمة تحاول ان تضفي عليها الدلائل الجنائية العرضية او العفوية التي تحصل هنا وهناك لأي سبباً من الاسباب إلا ان المؤشرات والدلائل الاولية تفصح على ان هذا العمل التخريبي يعتبر من الجرائم الاقتصادية الجسيمة التي ترتكب مع سبق الاصرار والترصد وهي واضحة وضوح الشمس من خلال الوقائع والاحداث في الايام السابقة التي شهدتها المصفاة منذ اللحضات الاولى التي دخلت فيها سفينة الوقود( النفط المستورد) لصالح التاجر غير العيسي وخارج دائرة الاحتكار المطلق التي تربع عليها هذا التاجر كرمز لمافيات الفساد والنهب وتجار الحروب ومجرميها داخل مؤسسة السلطة الرسمية باذرعها ومسمياتها ووضائفها المختلفة بدءً من قرار وزير النقل الجبواني بمنع دخول السفينة الميناء وما تلاها من اجراءات في افراغ جزء من حمولة السفينة واخراجها من الميناء ثم عودتها بضغط الحاجة الشعبية اولاً وبقرار من التحالف العربي ثانياً. 

لانريد هنا ان ندخل في فساد لجان المناقصات وقرارات اللجنة الاقتصادية وفرمانات لوبي الفساد داخل المالية والبنك المركزي تحت ادارة التاجر العيسي وكيف اسهم هذا اللوبي في تعزيز قبضته الاحتكارية الاقتصادية وقمع المنافسين ومحاولة التسبب لهم بالخسائر كما حصل لهذه السفينة قبل ان تفرغ حمولتها وكما حصل داخل المصافي من خرق للانبوب ومحاولة التسبب بكوارث بشرية وبيئية واقتصادية واجتماعية لولا لطف الله وتدارك الخطر قبل اشتعال المصفاة وانفجار الخزنات. 

ما حصل اليوم لا يمكن ان يكون بمعزل عن طبيعة الحرب غير المعلنة التي يقودها ويشعل فتيلها رموز سياسية واقتصادية معروفة في العاصمة الجنوبية عدن خاصة والجنوب بشكل عام ضد الوطن والشعب ..وهذه الحرب الاقتصادية غير المعلنة والسرية خلاياها وجيوشها اشد خطراً من اي نوع من انواع الحروب الاخرى حيث العدو في جبهات وخطوط واضحة وبينة وحيث المواجهة بالاسلحة النارية.. فهذا النوع من الجرائم والحرب الاقتصادية والاعلامية الدعائية تمس باثرها المباشر وغير المباشر كل فرداً في المجتمع وتدمر نسيجه ووحدته الاجتماعية والوطنية كما تعطل مختلف مؤسساته الخدمية والتنموية والسكوت عنها هو الاخر جريمة لا تقل خطراً من الحرب ذاتها.. 

الحرب الاقتصادية حرب وجودية لاينحصر مفعولها ضمن اطار مكاني وزماني محددين وهي تفقد المجتمع كل تضحياته وانتصاراته العسكرية في الجبهات وتحول النصر في الجبهة الى هزيمة فكرية ومعنوية واخلاقية داخلية.. علاوة على الهزيمة التنموية والامنية بابعادها الشاملة طويلة المدى .

لقد اثبت الجيش والامن الجنوبي بمكوناته من اللوية صاعقة ودعم واسناد واحزمة امنية ونخب وغيرها انهم كانوا وسيظلون الطليعة الوطنية المخلصة بالتصدي لهذه وغيرها من الجرائم الاقتصادية والحد من خطرها واحتوائها قبل ان تتفاقم إلا ان المجرمين الحقيقيين بقيوا ولا زالوا بعيداً عن القضاء والمحاسبة والعقاب التي بدونها ستستمر مثل هكذا جرائم بل وتزدهر وتتحول الى نمط حياتي مألوف ومتكرر. 

المهم ليس فقط كشف الجريمة ولكن ايضاً معاقبة المجرمين فلا جريمة بدون عقاب.. ما من شك ان المجتمع بكل اطيافه معني بمواجهت هذه الجرائم والتصدي لها وكشفها وملاحقت مجرمي وامراء هذه الحرب امام القضاء المحلي والدولي ولا يمكن ان تسقط بالتقادم..والشعوب الحية هي تلك القادرة على ملاحقت المجرمين وتقديمهم للعدالة ولو بعد حين. 

في جريمة اليوم هناك مسؤولية مباشرة تقع اولاً على عاتق الجهات الامنية والامن الاقتصادي بالذات وثانياً على العمال ونقابات العمال بالمصافي كون الادوات الاجرامية المنفذة جاءت بدرجة اساسية من داخل المؤسسة وثالثاً على دول التحالف في مثل هذه الظروف التي لازالت فيها البلد تحت احكام البند السابع حيث تقع على عاتق دول التحالف واجبات مكافحة الجريمة الاقتصادية وتقديم المجرمين للعدالة الدولية بموجب بنود البند السابع لاسيما اذا كان صناعها واصحابها ومن يقف ورائها ويمولها قيادات سياسية وعسكرية رفيعة المستوى داخل منظومة السلطة ورابعاً الاعلام والرأي العام الوطني باختلاف اطيافه وتوجهاته ومشاريعه السياسية والاجتماعية. 

هذه الجهات معنية قبل غيرها بالتحقيق ورفع القضية امام القضاء المحلي وامام محكمة الجنايات الدولية لملاحقت المجرمين. 

هل نشهد تحرك وتنسيق جمعي للاطراف المعنية المذكورة انفاً في تتبع خيوط هذه الجريمة وتقديم المجرمين للقضاء؟ 
 ام انها ستبقئ كغيرها من الجرائم الاقتصادية بعيداً عن العقاب؟ 
والى متى...؟!

مقالات الكاتب