#مهرجان_طنطا الدولي للشعر "2020" يتحدى جائحة #كورونا

انتقالـﮯ العاصمة / مصر /متابعات

 

اختار مهرجان طنطا الدولي أن يتحدى جائحة كورونا بالشعر، وبنسخة مصغرة عقد المهرجان فعاليات دورته السادسة التي استمرت على مدار أربعة أيام، في الفترة من 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حتى نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، خرج خلالها الشعر من حيز الندوات الخاصة الضيقة إلى براح التلقي وعفويته، بين الطلبة في المدارس والجامعات والمعاهد، فضلاً عن المراكز الثقافية والجمعيات الخيرية.
وجرى حفل الافتتاح بالمركز الثقافي بالمدينة (طنطا)، وأحيته «فرقة مصطفى كامل للموسيقى العربية»، بقيادة المايسترو أحمد شوقي، بعدد من الأغاني التراثية والوطنية، ثم انطلقت فعاليات المهرجان بنسخته المصغرة، بمشاركة 12 شاعراً وشاعرة من العرب ابتسام أبو سعدة (فلسطين)، وعبد القادر الحصني (سوريا)، وعمار النجار (اليمن)، وحنين عمر (الجزائر)، ومن مصر الشعراء أمينة عبد الله، وعمارة إبراهيم، وإسلام نوار، وإبراهيم محمد إبراهيم، وأيمن صادق، وعماد غزالي، وعربي كمال، ورشا أحمد. وتم الاكتفاء بمشاركة الضيوف من غير المصريين والعرب عبر تقنية «الفيديو كونفرانس» وهم جابور جيوككس (المجر)، وأدريانا أويوس (كولومبيا)، ومامتا ساجار (الهند)، وبيلار رودريجز (المكسيك)، ويوسف العلوي (أميركا)، ودوشيتا (صربيا).

وكان لافتاً في مشاركة الشعراء الأجانب عبر شاشة الكونفرانس التركيز على التعبير بالجسد، وخلق فضاءات صوتية تمثيلية مجسمة للصور والكلمات في نصوصهم، ما أثار دهشة الحضور ممن لم يعتادوا هذا الأداء.

الشاعرة الهندية مامتا ساجار ظهرت في الفيديو محاطة بمربع خشبي يتوسط رأسها وهي تروح جيئة وذهاباً، تصعد وتهبط، تتألم وتفرح ويتلون أداؤها، حسب مقتضيات قصيدتها التي جاء فيها :
كلمة جارحة
تعانق صمتاً مدبباً
كلاهما مثل رمح في اللحم
تعالَ أيها الدم القاني
قطرة فقطرة تتناثر حبات عقد الياقوت.

وتُعدّ ساجار واحدة من أبرز شاعرات الهند المعاصرات، كما أنها كاتبة مسرحية وأكاديمية مرموقة، صدر لها العديد من الأعمال، مثل آثار أقدام الطاووس البري، ورطوبة النهر، وأرجوحة الاشتهاء.

وفي جلسة الافتتاح، ألقت الشاعرة الفلسطينية ابتسام أبو سعدة قصيدة جاء في مطلعها:
قلبي شق صغير
يتعلق بالأمكنة... بالورود
بقطرة مطر رسمت ذاكرة على زجاج سيارة
يتعلق بي
كطفلة لم تُفطم بعد من الاغتراب.

وانسجاماً مع استراتيجية المهرجان التي أعلن القائمون عنها منذ الدورة الأولى، والتي تسعى إلى كسر «مركزية العاصمة» التي جعلت القاهرة محور النشاط الأدبي شبه الوحيد في مصر، قرروا أن يخرجوا بالمهرجان في هذه الدورة إلى آفاق أرحب في المحافظات والمدن المجاورة، فأقيمت ندوات بمركز الإبداع بمدينة دمنهور بمحافظة البحيرة، ومدينة المحلة الكبرى ذات الزخم العمالي، وأحد قلاع الصناعة المصرية، وكان لافتاً الخروج بالشعر للناس في أماكنهم كفعل إيجابي بدلاً من الاكتفاء باجترار الشكوى من عزلة الشعر.

في مدرسة «مصطفى صادق الرافعي» الخاصة للغات بطنطا دار حوار بين عدد من الشعراء وطلبة المرحلة الثانوية. كانت الأسئلة الطلابية بريئة كما كانت حائرة أيضاً : 
ما هو الشعر،
 وما معني أن تكون شاعراً؟ وهل يمكن لكلمات تخلو من الموسيقي الصريحة أن تكون شعراً؟ تبارى شعراء في الإجابة عن تلك التساؤلات التي خرجت تلقائية، بينما في مدرسة «الأميركان» الدولية التي كانت ضمن جدول الزيارة هي الأخرى، جلس الشعراء على مقاعد الجمهور ليستمعوا إلى قصائد كتبها الطلبة قد تبدو متواضعة فنياً، لكنها حارة صادقة تعكس رغبة عارمة لدى جيل بأكمله يتوق إلى التعبير عن نفسه.

اتسمت اللقاءات الشعرية بكليتي الآداب والتربية بالحرارة والتفاعل الشديد من جانب طلبة جامعة طنطا، أما في المدينة المجاورة دمنهور فتجدد عناق الشعر مع الموسيقى في مركز الإبداع بالمدينة. ولم تخلُ هذه الدورة من لمسة وفاء للشاعر المصري ماهر نصر، الذي رحل عن عالمنا قبيل بدء المهرجان بأيام، حيث أُقيمت أمسية شعرية مفتوحة مهداة إلى روحه كنوع من التأبين.

من ناحيته، اعتبر الشاعر محمود شرف رئيس المهرجان أن مجرد إقامة هذا الحدث رغم تداعيات فيروس كورونا تعد انتصاراً للشعر والثقافة في حد ذاتهما، مع كامل الالتزام بالإجراءات الاحترازية المشددة لمكافحة انتشار جائحة كوفيد - 19 وفق تعليمات كل من وزارة الصحة المصرية ومنظمة الصحة العالمية، مشيراً إلى أن هذه الدورة شهدت العديد من التحديات الجسام، مثل إغلاق معظم المطارات وتعذر رحلات الطيران، فضلاً عن ضيق الوقت الشديد أمام اللجنة المنظمة حيث لم تحصل على موافقة الجهات المختصة على إقامة هذا الحدث إلا قبل انطلاقته بأيام قليلة.

وعتب شرف على بعض المسؤولين تخلفهم عن دعم المهرجان فلم يكلف أحدهم خاطره ليحضر حفل الافتتاح، رغم تناوب أربعة محافظين في طنطا على مدار السنوات الست التي تُعدّ عمر المهرجان.

يُذكر أن المهرجان تدعمه وزارة الثقافة عبر تحمل نفقات الإقامة بالفنادق، مع طبع كتيب يضم تعريفاً ونماذج من قصائد الشعراء المشاركين، بينما تقع مسؤولية التنظيم على عاتق «جمعية شعر للأدباء والفنانين» بمحافظة الغربية.

عن
الشرق الاوسط/رشا احمد