الضربة الإسرائيلية على الحديدة اليمنية وطبيعة الرد الحوثي المتوقع.. "تسأولات مشروعة" هل أنشأت إيران محوراً لمقاومة إسرائيل أم لتطويق المنطقة العربية ..؟
أينما حلت جمهورية إيران الإسلامية حلت المشاكل والأزمات، توقض الفتن المذهبية النائمة وتشب نيرانها وتمزق النسيج الاجتماعي مذهبياً، هذا سني وهذا شيعي، فأيران جمهورية عقائدية مذهبية تطمح لإقامة خلافة إسلامية ليس على الطراز القديم الأموي والعباسي والعثماني، ولكن على أهواء أئمتها وولاة أمرها المتعاقبين، اجتهادات فردية غير مأخوذة من الكتاب والسنة، فأيران لديها (نبي) وهمي قادم تهيئ الأرضية لاستقباله (المهدي المنتظر)، ويظل خامنئي ومن تلاه خلفاً للأمة، بحسب زعمهم، بانتظار ظهور المهدي المنتظر ليأخذ بزمام الأمور ويقود الأمة بدلاً عنهم، من لا يعتنق مذهب إيران ويؤمن بخرافاتها فهو كافر يجب قتله.
عدوها الحقيقي الذي تسعى للقضاء عليه هو الإسلام (السني) الذي دمر حصونها إبان خلافة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، ولا تزال حاقدة حتى الساعة على عمر وابنة أبي بكر الصديق عائشة رضي الله عنهم أجمعين.
احتضن الحوثي المذهب الشيعي الاثنى عشري القادم من إيران، وأدخل اليمن الشقيق في أتون صراعات مذهبية عقائدية معقدة داخلية، ومع جيرانه العرب. وشكل مع بعض المليشيات التي طوقت بها إيران المنطقة العربية في كل من العراق وسوريا ولبنان محوراً أسمته "محور المقاومة"، ظاهره - بحسب مراقبين - محاربة إسرائيل وباطنه تدمير وتمزيق الدول العربية، والتحضير للانقضاض على السعودية وعلى المقدسات الإسلامية المتواجدة فيها، لإحداث انقلاب مذهبي. فرض المذهب الشيعي على الأمة بالقوة..
مؤخراً، دخلت مليشيات الحوثي في صدام شكلي مع إسرائيل، قصفت إسرائيل أهدافاً متفقاً عليها، بحسب مراقبين، في ميناء الحديدة، ومنذ قصف الميناء يوم 20 يوليو 2024م وقيادات مليشيا الحوثي تتوعد برد مزلزل، وحتى اللحظة نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً.
- الرد مرهون بالموقف الإيراني
ضمن استطلاع أجرته صحيفة (انتقالي العاصمة) بهذا الخصوص، يعتقد الأستاذ هشام الجاروني أن "الرد الحوثي على الضربة الإسرائيلية مرهونة بالموقف الإيراني، ومدى استعداد الحوثيين للذهاب بعيداً بهذا الصراع مع الدولة الصهيونية، مستشهداً بتهديدات الحوثي باستهداف مواقع إسرائيلية استراتيجية بالتنسيق مع حلفاء إيران في المنطقة، حزب الله والحشد الشعبي العراقي وبعض الفصائل في سوريا. أعتقد أن التصعيد الأخير سيذهب بالمنطقة إلى مربعات رعب مؤلمة لكل الأطراف إذا حدث ذلك، رغم أن هناك جهوداً تبذل من أطراف متعددة لاحتواء الموقف وإبقاء الاشتباك في الإطار المحدود".
وتابع الجاروني قائلاً : هناك احتمالية محدودة للرد الحوثي، وهي الأرجح، لعدة أسباب أهمها القدرات العسكرية للطرفين الحوثي والإسرائيلي. قدرة إسرائيل بمساعدة حلفائها على توسيع قاعدة الأهداف المحتملة داخل العمق اليمني، ورغبة إيران في توسيع المواجهة لأن - ووفقا لخطاب نتنياهو في الكونجرس - كل صاروخ يتوجه إلى اليمن أو لبنان هو في الحقيقة موجه إلى إيران، لذلك قلت بقدر ما هناك نية للحوثيين للرد القوي بقدر ما هناك موانع كثيرة قد لا تمكنهم من ذلك (موانع سياسية وعسكرية).
يبقى التحذير الأخير للمتحدث العسكري للحوثيين يحيى سريع، بأن إسرائيل اليوم غير آمنة، وتحذير رئيس الكنيست الإسرائيلي بأن الضربة الإسرائيلية هي تحذير للشرق الأوسط كله مؤشر على إمكانية التصعيد، والذي سيكون كارثياّ على المنطقة كلها.
أما بخصوص محاور المقاومة والهدف من إنشائها فأعتقد أن إيران ستلعب بورقة تلك الفصائل مع الجميع (العرب والإسرائيليين).
وختم الجاروني قائلاً: إيران وإسرائيل التقت أهدافهما بالنسبة للعرب وتعارضت المصالح وطرق معالجتها، لا يمكن الوثوق بهما. وللأسف العرب اليوم أقرب إلى إسرائيل من إيران، وهذا كارثي كان يجب منا الوقوف على الحياد في صراع الإخوة الأعداء لندعهم يقتتلون بعيداً عنا..
- محور المقاومة.. سيف ذو حدين
الأستاذ علي الجوهري تحدث لـ(انتقالي العاصمة) بكلمات موجزة قال فيها: الكل منا كان يفكر برد مزلزل، ولكن ما باليد حيلة والسكوت علامة الرضا. وقال بالنسبة لإنشاء محور المقاومة، وممكن أسميها (الإيرانية) في العراق سوريا ولبنان واليمن لمحاربة إسرائيل، أعتقد بأنها عملت على تبادل أدوار وتوسعت الجبهة. وشخصياً أرى أن المتضرر الأكبر اقتصادياً هي مصر من تلك الزوبعة، وباتت تلك المحاور وتبعاتها سيفاً ذا حدين، تتحرك على حسب رغبة اللاعبين الدوليين.
- تفاهم إيران مع إسرائيل وأمريكا
كما تحدث للصحيفة الأستاذ مقبل القميشي قائلاً:
عندما ينظر المرء إلى طبيعة الأحداث والمناوشات الإعلامية والعسكرية بين إسرائيل وأمريكا من جهة، والشيعة بمختلف مواطنهم من جهة أخرى، فإن المرء يحتار أحياناً إلى الكم الهائل من المهاترات الإعلامية بين تلك الجهات، كذلك الهجمات العسكرية من جانب ما يسمى بالمقاومة اللبنانية وغيرها التى تهدد بمحو إسرائيل من على الخريطة، لكنها في الحقيقة لم تكن تلك الهجمات مؤثرة على إسرائيل، ولم تكن بالمستوى المطلوب على الأقل ولو جزءاً بسيط لما يروجه الإعلام، رغم كثرة الصواريخ والطائرات المسيرة التي تم إطلاقها من عدة محاور للمقاومة على إسرائيل، والدليل أن إيران عندما ضربت إسرائيل كانت ضربتها واضحة للعالم كله بما في ذلك إسرائيل، بعد أن أخبرت إسرائيل بتلك الضربة مسبقاً.
وتابع القميشي قائلاً: لا تفسير لذلك سوى أن إيران لديها تفاهم مع إسرائيل، وتفاهم عميق مع أمريكا أيضاً. نعم إيران لديها مخطط للقضاء على أغلب دول الشرق الأوسط بمساعدة إسرائيل، وعن طريق عملائها في المنطقة، لكن الفرصة لم تحن بعد لتنفيذ نواياها الخبيثة، كذلك لا تزال بعض تلك الدول قوية ولا تستطيع إيران أو إسرائيل القرب منها، وإيران فعلاً تعمل على تنفيذ ذلك ببطء، بسبب أن أمريكا لا تزال تراوغ وتخوف بعض أصدقائها في الخليج، من أجل جني ثروات تلك البلدان.
وختم القميشي حديثه بالقول: لا قيمة للحوثي بدون إيران، ولا يستطيع أن يؤثر على إسرائيل مهما كانت الضربات. وفي اعتقادي أن الأمر سيختلط على الحوثي في المستقبل، وربما يضرب السعودية تحت أي مبرر بتعليمات من إيران.
- من الصعب التنبؤ بالرد الحوثي
من جهته صرح لـ (انتقالي العاصمة) الأستاذ صالح علي الدويل قائلاً: من الصعب التنبؤ بالرد الحوثي، هل سيكون قوياً، بل سيكون في سياق ما هو معلوم إما باستخدام صواريخ أو مسيرات تنطلق من أقرب نقطة من المحاور الإيرانية، ثم يتبناها الحوثي، وأكثر من ذلك فلا أعتقد ان لديها قدرات تصل إلى إسرائيل وتثخن فيها بدرجة الرد الإسرائيلي على مسيرة تل أبيب.
وأضاف الدويل: الساحات الإيرانية التي نشرتها طهران في البلاد العربية منذ نجاح الثورة الإيرانية، وبدء استراتيجية تصدير الثورة، ليس الهدف منها الغرب ولا إسرائيل، فقواعد الاشتباك بينهم محدودة بحيث لا تصل إلى حرب شاملة، بل عمليات ضجيج إنما الهدف منها تطويق البلاد العربية، فهذه الساحات هيمنت على العراق وسوريا ولبنان والى حد ما في اليمن، وتغلغل المشروع الإيراني الفارسي فيها.
وختم الدويل مداخلته قائلاً: إن سياسة الاحتواء التي يقال إن أمريكا والغرب تمارسها ضد تلك الساحات لم تحقق أي تأثير فيها، بل ازدادت قوة وقدرة على الضرب حتى وصل لربيبة الغرب إسرائيل، فكان الرد الإسرائيلي الذي ما زالت تشتعل به الحديدة حتى الآن.
- المسيرة التي ضربت إسرائيل لم تكن حوثية
وكان الأستاذ عوض محمد صائل مسك ختام استطلاعنا، حيث قال: الطائرة المسيرة التي ضربت إسرائيل لم تكن حوثية، ولأن الضربة خرجت عن قواعد الاشتباك المتفق عليها بين أمريكا وإسرائيل من جهه، وإيران ووكلائها من جهه أخرى، كان لابد لإسرائيل أن ترد عليها، وقد فضلت إيران أن يكون الرد الإسرائيلي ضد الحوثيين من خلال تبنيهم ضرب إسرائيل.
وقال صائل: لتكن هذه الضربة الإسرائيلية مقدمة لصفقة تم تقديمها للحوثيين لإنقاذهم من خطر ما، ومنحهم امتيازات سياسية واقتصادية على حساب الشرعية والأطراف الأخرى باتفاق أمريكي بريطاني إقليمي. وهذا إنجاز ومكافأة حصل عليها الحوثي لا تتطلب حشرهم في بطولات وهمية دفاعاً عن الآخرين على الأقل في الوقت الحالي.
وختم الأستاذ صائل حديثه قائلاً : هذه الأذرع الإيرانية في منطقتنا تتحرك وفقاً لمتطلبات سياسة طهران، التي تتعارض ظاهرياً مع الغرب وإسرائيل وتتفق وراء الكواليس في هدف واحد وهو القضاء على الإسلام السني. فالشيعة هم سلاح الغرب الفتاك ضد الإسلام السني في الجزيرة العربية والخليج، ويأتي دعمهم للحوثيين في اليمن في هذا الإطار