جعجعة طال أمدها.. "سلام غروندبرغ" تأرجح على رمال متحركة ..!
فشل المبعوث الأممي هانس غروندنبرغ في إقناع الحوثيين بالتوقف عن مهاجمة السفن التجارية المارة في البحر الأحمر، ولم يستطع إحداث أي اختراق في الأزمة اليمنية الداخلية، باستثناء نجاحه في تعطيل قرارات بنك العاصمة عدن، والانتصار لمطالب الحوثيين على حساب تقويض وإضعاف الشرعية اليمنية القابعة في عدن، وتجريدها من صلاحياتها السيادية.
ويرى مراقبون أن خطابات وتحركات المبعوث الأممي مجرد جعجعة إعلامية طال أمدها، لا مردود واضح لها حتى اللحظة.
فيما يرى محللون أن تهرب غروندبرغ من قضية شعب الجنوب وانحيازه إلى جانب الحوثيين، جعل مهمته معقدة وصعبة، يرونه يسير بعيداً عن الحلول الجذرية المؤدية إلى سلام فعلي، مجرد إضاعة للجهد والوقت على حساب مضاعفة الأزمات الاقتصادية والخدمية على كاهل الشعبين اليمني والجنوبي، والاستمرار في حرمان الموظفين من رواتبهم الشهرية، الأمر الذي ولد أزمة إنسانية كارثية قد ينجم عنها مجاعة وجهل ومرض وتبعات مميتة في الحاضر والمستقبل.
يشكو من الحوثي ولا يطالب باتخاذ إجراءات ضده!
يوم 15 أغسطس 2024 أحاط السيد هانس غروندنبرغ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بآخر المستجدات وما توصلت إليه مساعيه التي يراها مراقبون تتأرجح، تقف على رمال متحركة تأخذه بعيداً عن ملامسة الحلول المنطقية..
وخلال الإحاطة شكا وتباكى غروندنبرغ من تعنت وإرهاب مليشيات الحوثي، قائلاً: نواجه في اليمن حملة قمع تستهدف الفضاء الإنساني والمدني من قبل أنصار الله (الحوثيين). فقد مضت حوالي ثمانون يوماً منذ بدء أنصار الله حملتهم المكثفة في احتجاز موظفين يمنيين لدى الأمم المتحدة والمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية، والبعثات الدبلوماسية، ومؤسسات القطاع الخاص. عشرات الرجال والنساء، منهم 13 موظفاً لدى الأمم المتحدة من ضمنهم أحد موظفي مكتبي لا يزالون جميعاً محتجزين في أماكن مجهولة. بالإضافة إلى احتجاز موظفين من المفوضية السامية لحقوق الإنسان ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) من قبل أنصار الله، حيث تم احتجازهم منذ عامي 2021 و2023 على التوالي. إضافة إلى ذلك، قام أنصار الله في 29 تمُّوز/ يوليو بإغلاق مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في صنعاء وطلبوا من جميع الموظفين الدوليين المغادرة. وبعد ذلك، اقتحمت قوات أنصار الله المكتب في الثالث من آب/أغسطس، في انتهاك صارخ لامتيازات وحصانة الأمم المتحدة. هذا الإجراء يشير إلى اتجاه أوسع يتبعه أنصار الله، ويمثل اعتداءً خطيراً على قدرة الأمم المتحدة في تنفيذ ولايتها. فحماية حقوق الإنسان هي في جوهرها حماية لمستقبل اليمن ولحقوق وحريات اليمنيين.
وأضاف غروندنبرغ: لذلك أدعو أنصار الله إلى التصرف بمسؤولية ورأفة تجاه المواطنين والمواطنات في بلدهم، والإفراج الفوري غير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، والمجتمع المدني، والبعثات الدبلوماسية، والقطاع الخاص، إضافة إلى أبناء الأقليات الدينية، والامتناع عن المزيد من عمليات الاحتجاز التعسفية مستقبلاً.
وللأسف أن غروندنبرغ لم يطالب مجلس الأمن باتخاذ إجراءات عقابية ضد الحوثيين، مجرد ذر الرماد في العيون..
كلام مستهلك والابتعاد عن الحلول
وأضاف غروندنبرغ في إحاطته: على الرغم من الجهود الجادة لفصل اليمن عن التصعيد الإقليمي الحاصل في قطاع غزة، ما زال أنصار الله يهاجمون السفن في البحر الأحمر، وما زالت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة تواصلان ضرباتهما على الأهداف العسكرية في المناطق التي يسيطر عليها أنصار الله. إن هذا الوضع الذي استمر لأكثر من ثمانية أشهر لا يمكن استمراره.
وأردف غروندنبرغ: خلال الأشهر الماضية، أعربت باستمرار عن قلقي العميق إزاء الاتجاه الذي تسير فيه الأحداث في اليمن، وللأسف لا يزال المسار التراجعي المتمثل في استمرار الأنشطة العسكرية والخطاب التصعيدي مستمراً، ومع أن مستويات العنف على طول خطوط التماس ما زالت قيد الاحتواء النسبي مقارنة بمستوياتها قبل هدنة عام 2022، ما زلنا نشهد استعدادات عسكرية وتعزيزات تصاحبها تهديدات مستمرة بالعودة إلى الحرب، مع ظهور مزيد من التقارير حول الاشتباكات في الضالع والحديدة ولحج ومأرب وصعدة وتعز، ومرة أخرى تمثل هذه التطورات تذكير صارخ بمدى هشاشة الوضع على طول خطوط الجبهات اليمنية.
وللأسف أن السيد غروندنبرغ لم يقدم حلولاً لما طرحه سابقاً، مجرد شكاوي وكلام مستهلك ورهان على عامل الوقت بانتظار لما تفضي إليه الانتخابات الأمريكية القادمة، بحسب مراقبين.
توحيد العملة وإنشاء بنك مركزي موحد وضمان استقلالية القطاع المصرفي
وقال غروندنبرغ: رغم هذه الصورة القاتمة تمكن الطرفان الشهر الماضي، بدعم من المملكة العربية السعودية، من احتواء دائرة خطيرة من التصعيد التي كانت تؤثر سلباً في قطاعي البنوك والنقل في اليمن وتهدد بإشعال فتيل نزاع عسكري جديد. ومنذ إعلان تفاهم خفض التصعيد، الذي شمل تشغيل رحلات شركة الخطوط الجوية اليمنية، وضمان استمرار وصول البنوك الكبرى في اليمن إلى الخدمات المصرفية الدولية، شهدنا بعض التقدم الأولي نحو تنفيذ ذلك التفاهم. ولكن الآن يقع العبء على الأطراف لتنفيذ هذا الاتفاق، وهذا يتطلب ليس فقط العمل بحسن نية والالتزام بالوعود التي قُطعت، بل أيضًا تحويل هذه التفاهمات إلى إجراءات ملموسة تحسن حياة جميع اليمنيين ومعيشتهم. لذلك، أؤكد مجددًا على أهمية العمل نحو توحيد العملة، وإنشاء بنك مركزي موحد، وضمان استقلالية القطاع المصرفي عن التدخل السياسي. وقد أعدَّ مكتبي خيارات وقدم مقترحاً ومساراً واضحين لتحقيق هذه الأهداف، والتي استندت جميعها إلى مدخلات الأطراف أنفسهم، ونحن لانزال مستعدين لدعم الأطراف للوصول إلى حلول مقبولة للجميع من خلال الحوار، بما يعود بالنفع على جميع اليمنيين.
فيما يرى مختصون أن قيام المبعوث الأممي غروندبرغ بتعطيل إجراءات بنك عدن قد صب في صالح الحوثي، وجرّد الشرعية اليمنية من جميع صلاحياتها السيادية وغير السيادية، وبأن مقترحه بتوحيد البنك والعملة يأتي في سياق التسويق الإعلامي لا غير، مجرد أحلام لا قبول لها ولا تطبيق لها على أرض الواقع.
على ماذا يراهن غروندبرغ في التوصل إلى سلام شامل؟
وبحسب تقرير لأشرف خليفة بموقع (إرم نيوز) قال فيه: يثير استهداف مليشيات الحوثي المتواصل ضد موظفي الوكالات، الأممية والمنظمات الدولية والإغاثية، التساؤلات عن قدرة المبعوث الأممي هانس غرندوبرغ على التوصل إلى سلام شامل مع عجزه عن حماية موظفيه.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تقود فيه الأمم المتحدة عبر مبعوثها الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، تحركات تهدف، حسب المعلن، إلى تحقيق سلام شامل في عموم البلاد، ووقف نهائي لإطلاق النار.
في حين تقابل مليشيات الحوثي مساعي الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، بشنّ هذه الانتهاكات التي طالت أحد الموظفين العاملين في مكتب غروندبرغ نفسه، فضلاً عن 12 آخرين من موظفي الأمم المتحدة، في تحد صارخ للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.
في المقابل، لم يصدر عن تلك الجهات المعنية وذات الارتباط، أي إجراءات حازمة وجادة إزاء تلك الممارسات الحوثية التعسفية، كذلك آخر إحاطة قدمها المبعوث الأممي غروندبرغ أمام مجلس الأمن الدولي، خلت من أي تعبيرات صارمة أو حملت في طياتها لهجة شديدة ومحتدة، على أقل تقدير.
فقدان أممي لمؤشر البوصلة
وبحسب (إرم نيوز)، يرى اليمنيون أن كل تلك المعطيات والتعاطي تُبرهن على أن الهيئات الأممية ومبعوثها، غروندبرغ، فاقدون لمؤشر البوصلة الصحيح للتعرف على الاتجاهات التي ينبغي من خلالها التعامل مع المليشيات الانقلابية كما يجب.
وفي هذا الصدد، يقول مدير عام الإعلام الداخلي بمكتب رئاسة الجمهورية، فايد دحان: "بدا المبعوث الدولي أضعف من تحقيق أي سلام في اليمن، وأكد أنه يسعى للتدليل على أن جماعة الحوثي تمارس مزيدًا من الانتهاكات، وقال إنه لا يستطيع أن يضغط على جماعة الحوثي كما يفعل مع الشرعية.
ويضيف دحان، في حديثه لـ"إرم نيوز" أن المبعوث الأممي "يسعى إلى تقويض قوى الشرعية، مقابل منح فرصة لميليشيات الحوثي، للعمل بشكل جاد لإعادة رص صفوفها والاستعداد لأي حرب مقبلة".
ويتابع دحان أن "المبعوث ومجلسه وجدوا أنفسهم منشغلين بمهمة الإفراج عن موظفي المنظمات الدولية، عن مهمة فرض سلام شامل، وهذا يعد نجاحًا لمليشيات الحوثي في خفض مستوى المطالب إلى الاهتمام بموظفي المنظمات الدولية والمحلية".
ويواصل دحان حديثه قائلاً: أستطيع القول إن الحوثي استطاع أن يصرف مجلس الأمن عن مهام جاء من أجلها إلى مهام أخرى، وهو بذلك يريد إيصال رسالة للعالم أنه هو المسيطر ولا أحد يستطيع التأثير عليه، ويتخذ قراراته بمعزل عن أي تدخل دولي، ويأتي اعتقال موظفي المنظمات بعد حملة تشويه ضد المنظمات ومنتسبيها.
ويرى، أنه: ليس أمام المجتمع الدولي ومجلس الأمن سوى تدويل قضية اليمن وفرض عقوبات دولية على مليشيات الحوثي، وإعادة تفعيل إجراءات البنك المركزي اليمني، وفرض مزيد من الإجراءات بمنع إيصال المساعدات الإنسانية التي يستفيد منها الحوثي.
ويشير فايد دحان إلى أن: ميليشيا الحوثيين تتعامل مع تحركات المبعوث الدولي لكسب مزيد من الوقت، لكي تستعد عسكريًا ولوجستيًا لحرب قادمة لا محالة، تُنهي مزاعم السلام كلها.
رهان غروندنبرغ على تنازلات الشرعية اليمنية
بدوره، يرى المدير التنفيذي للمركز الأمريكي للعدالة (ACJ) عبد الرحمن برمان، أن المبعوث الأممي يرتكز رهانه حول إنجاح دوره في التوصل إلى سلام شامل، على التنازلات التي تقدمها الحكومة الشرعية في كل مرحلة من مراحل التفاوض.
ويضيف برمان لـ(إرم نيوز) أن مليشيات الحوثيين "تهدف من خلال انتهاكاتها بحق العاملين في المنظمات المختلفة، إلى حصر تقديم أي مساعدات عبرها، في حال ما أرادت أي منظمة دولية أو أممية تقديم مساعدات لليمنيين في مناطق سيطرتها".
ختامًا..
الحاصل - بحسب مراقبين - مجرد جعجعة طال أمدها.
سلام غروندبرغ يتأرجح على رمال متحركة، ولن يكتب له النجاح في ظل تدليله لمليشيات الحوثي وتماهيه مع أفعالها العدائية. وكذا في ظل تجاهله للقضية الجنوبية التي يراها محللون مفتاح الحل للأزمة اليمنية.