حكومة مغيبة وإرهاب حوثي عابر للحدود.. محاذير دولية من مجاعة وشيكة تهدد الشعبين في الجنوب والشمال
في الوقت الذي وجه فيه مختصون في الشأن الاقتصادي أصابع الإتهام لمليشيات الحوثي، متهمين إياها بالوقوف وراء الانهيار الاقتصادي الحاصل في الجنوب، لسببين:
الأول: منعها تصدير النفط الخام من جميع موانئ الجنوب.
ثانياً: سيطرتها على النقد الأجنبي والمتاجرة بالعملة المحلية المتداولة في الجنوب (الطبعة الجديدة)، وفي الوقت نفسه منع تداولها بمناطق سيطرتها حيث تتمركز الكثافة السكانية الكبيرة والحركة التجارية الأكبر، ما أدى إلى تضخم مالي وتكدس الطبعة الجديدة في الجنوب حيث الكثافة السكانية الأقل والحركة التجارية الأدنى. بالإضافة إلى تقارير تؤكد تورط المبعوث الأممي هانس غروندنبرغ.
إلا أن ذلك لا يعفي حكومة عدن من القيام بواجبها وإجراء إصلاحات جذرية، أهمها تقليص النفقات الداخلية والدبلوماسية وصرف رواتب مسؤولي الحكومة والرئاسي بالريال اليمني، والاستفادة من الإيرادات المحلية، والأهم من كل ذلك محاربة الفساد الإداري والمالي والدبلوماسي، ومضاعفة الجهود لإعادة تشغيل جميع القطاعات الإيرادية أهمها مصفاة عدن.
حكومتا معين وبن مبارك وجهان لفساد واحد
وعزا مراقبون فشل حكومة أحمد عوض بن مبارك في تحقيق أي إنجاز منذ إعلانها في فبراير 2023م إلى عدة أسباب، أهمها إصرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي الإبقاء على المنظومة الإدارية والمالية التابعة لرئيس الوزراء السابق معين عبد الملك، في مناصبها رغم شبهات الفساد التي تحوم حولها، مشيرين إلى أن بن مبارك لايزال يدير الحكومة من خلال الخلية الإخوانية التابعة لرئيس الوزراء السابق معين عبدالملك، إلى جانب ضغوط إقليمية تعيق تحركاته.
وأكدت مصادر إعلامية أن منظومة الفساد بمكاتب رئاسة الوزراء تتعامل مع ملفات الموظفين والمواطنين بانتقائية، حيث تقدم المنتمين إلى حزبي (الإصلاح وعفاش) وتؤخر الجنوبيين، بل تركنها في الأدراج، واستغلت مواقعها في تعذيب شعب الجنوب.
وقد انعكس فشل الأداء الوظيفي الحكومي سلباً على حياة ومعيشة الناس في الجنوب، وصل أغلبهم إلى ما دون خط الفقر، ناهيك عن الانهيار الكارثي في القطاعات الخدمية والإيرادية والتعليمية والصحية، التي باتت سلاحاً استخدمه الفاسدون لتركيع الجنوبيين وقمع نضالاتهم الرامية إلى استعادة الدولة الجنوبية.
إرهاب حوثي عابر للحدود
من جهة أخرى، يرى محللون سياسيون أن الإرهاب الحوثي الداخلي، وعلى خطوط التماس الحدودية مع الجنوب والسعودية، والقرصنة البحرية التي تستهدف خطوط الملاحة الدولية في البحرين - الأحمر والعربي - أعطت نتائج كارثية على الشعبين الجنوبي واليمني، وعلى شعوب المنطقة والعالم. رفعت رسوم نقل البضائع والمواد الغذائية أضعافاً، كما رفعت منسوب كراهية العالم للشعب اليمني، فأصبح شبه منبوذ وغير مرحب به.
وكان لانعدام الجدية الإقليمية والأممية في التعامل مع مليشيا الحوثي دور كبير في تماديها. شجّعها على ارتكاب المزيد من الحماقات والتصديق بأن لا أحد يقدر عليها. والطامة الكبرى أنها استغلت تلك الحروب العبثية لاستنزاف المواطن، وباتت تستمد قوتها من تجويع وإفقار الشعب القابع تحت رحمتها.
أكثر من 60% من السكان يعانون انعدام الأمن الغذائي
بحسب "الموقع بوست"، قال البنك الدولي إن انعدام الأمن الغذائي في اليمن الذي يشهد صراعاً منذ عقد من الزمان، وصل إلى مستويات غير مسبوقة.
وأضاف البنك في تدوينة عبر منصة "إكس" أن أكثر من 60% من السكان يعانون ضعف القدرة على الحصول على الغذاء الكافي.. مشيراً إلى أن المرصد الاقتصادي لليمن يدعو لاتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة هذه التحديات المتصاعدة.
ونهاية أكتوبر الماضي 2024م أفاد البنك الدولي، في أحدث إصدار له من تقرير "المرصد الاقتصادي لليمن"، بأن "الاقتصاد اليمني لا يزال يواجه تحديات متفاقمة، حيث يؤدي طول أمد الصراع والتشرذم السياسي وتصاعد التوترات الإقليمية، إلى دفع البلاد إلى منزلق أزمة إنسانية واقتصادية أكثر حدة وخطورة".
وكشف عدد الخريف لعام 2024 من المرصد، والذي صدر تحت عنوان "مواجهة التحديات المتصاعدة"، أنه من المتوقع أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي لليمن بنسبة 1% في عام 2024، في استمرار للانخفاض، وذلك بعد انخفاضه بنسبة 2% في عام 2023، مما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، لتصل نسبة الانخفاض إلى 54% منذ عام 2015.
وبحسب التقرير الدولي، فقد دفع الصراع معظم اليمنيين إلى براثن الفقر، في حين وصل انعدام الأمن الغذائي إلى مستويات غير مسبوقة، حيث يعاني أكثر من 60% من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي".
ختاماً..
الأزمة معقدة بسبب السيادة المفقودة، والقرار المسلوب، والركون إلى الإملاءات الخارجية في كل صغيرة وكبيرة، ولن يفيد تغيير السائق في كل مرة ما دامت الحافلة خربانة.