أخبار وتقارير
عجز حكومي غير مسبوق.. انهيار تاريخي للعملة المحلية في الجنوب
أكثر من مرة يوجه المجلس الانتقالي الجنوبي تحذيرات للشركاء في الشرعية اليمنية (الحكومة والرئاسي) بفض الشراكة، بسبب فشلهما في إيجاد حلول جذرية للأزمات الاقتصادية والخدمية المتفاقمة في الجنوب، وما خلفته من تبعات على قوت المواطن الجنوبي، الذي أصبح يعيش على حافة المجاعة، بالإضافة إلى تعطيل مصفوفة الإصلاحات الاقتصادية التي أقرها الانتقالي، وامتناع الشرعية عن تبنيها أو المساعدة في تنفيذها، الخاصة بتفعيل المؤسسات الإيرادية والإنتاجية وفي مقدمتها مصافي عدن وآليتها التنفيذية المُزمنة. إلى جانب المماطلة في تنفيذ قرارات البنك المركزي عدن، وتهرب الحكومة من وضع مصفوفة إصلاحات اقتصادية تعيد للعملة المحلية قيمتها الشرائية أمام العملات الأجنبية، وتنتشل المواطن من حالة البؤس التي وصل إليها.
كل ذلك قد يدفع بالانتقالي - بحسب مراقبين - إلى اللجوء إلى خيارات انفرادية أخرى، قد تعيد البلد إلى المربع الأول. ولكن في جميع خطابات قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي يؤكدون التزام المجلس بالمساق السياسي الدبلوماسي، تجاوباً مع متطلبات المرحلة ومع الجهود الإقليمية والدولية، وتجنباً للعودة إلى مربع العنف، وحفاظاً على المنجزات السياسية والأمنية والعسكرية التي تحققت ويتعين تنميتها وتطويرها.
- انهيار العملة وتبعاتها الكارثية على المواطن الجنوبي
تشهد العملة المحلية انهياراً تاريخياً هو الأسوأ في عمرها، كما تشهد محافظات الجنوب فشلاً حكومياً ذريع غير مسبوق لم تشهده منذ عقود. ويرى مختصون أن تراكمات الفشل الاقتصادي الناجم عن انهيار العملة المحلية (الريال اليمني) الذي وصل إلى أدنى مستوياته، وبات الدولار الواحد يعادل 1890 ريالاً، انعكس سلباً على حياة المواطن بل أصيب المواطن بالصدمة والذهول أمام ذلك الانهيار المتسارع، حيث فقدت رواتب الموظفين قيمتها الشرائية، وارتفعت الأسعار والإيجارات بشكل جنوني. غلاء فاحش لا يطاق ولا يمكن تقبله أو التعايش معه، كونه يعادل أكثر من خمسة أضعاف مدخول الفرد. كل ذلك أثر سلباً على معيشة المواطن الذي بادر إلى التقشف في كل شيء تقريباً لعله يحافظ على ماء وجهه. فيما لجأت بعض الأسر الفقيرة إلى التسول.
وطالب مواطنون بالعاصمة عدن المجلس الرئاسي والحكومة والبنك المركزي، بإعادة النظر في الحالة المأساوية التي وصل إليها الناس ولو من زاوية إنسانية، والشروع العاجل في وضع حلول إسعافية توقف الانهيار الحاصل للريال اليمني وتعيده إلى سابق عهده.. مؤكدين أن الوضع أصبح إنسانياً بحتاً يتوجب تحركاً سريعاً وعاجلاً قبل خروجه عن السيطرة.
- حرب مفتعلة ضد الجنوب
في السياق، كشف الأستاذ نصر هرهرة مقرر الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي، أن "الجنوب يعيش أزمة خدماتية واقتصادية سببها الحرب على الجنوب، فبعد ضرب الحوثي لمنصات تصدير النفط التي كانت تشكل 70% من الموارد تدهور الاقتصاد".
وعدد هرهرة في تصريح خاص لوكالة (فرات)، الأسباب الأخرى، والتي منها تدهور سعر الصرف وارتفاع الأسعار وعدم انتظام المرتبات لموظفي الدولة، واستمرار حرب الخدمات.
وأضاف هرهرة قائلاً: "تدهورت خدمة الكهرباء بسبب تدهور حالة محطات التوليد وانعدام توفر المحروقات في مصفاة النفط، والتي أصبحت متوقفة عن التشغيل، وتدهور الوضع في الميناء بسبب حرب الحوثي في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن".
وأوضح هرهرة أنه "قد وقف المجلس الانتقالي الجنوبي أمام هذا الوضع، واتخذ جملة من المعالجات أقرها مجلس الوزراء في اجتماعه الاستثنائي الذي رأسه عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي وتم تزمينه، فإن لم ينفذ سيكون للمجلس الانتقالي قرارات حاسمة".
وبحسب المصدر نفسه، يرى العميد صالح علي بلال مدير ميناء قناء التجاري في محافظة شبوة، أن "الشرعية الحقيقية هي لمن قطع اليد الإيرانية ودحر مليشيات الحوثي"، مبيناً أن "الجنوبيين هم القوة الموجودة على الأرض، وتتصدى لهجمات الحوثيين على حدود الجنوب، وحررت مساحات شاسعة في أراضي الشمال حتى وصلت مشارف مطار وميناء الحديدة".
وأكد بلال في تصريح خاص لوكالة (فرات)، أن "ما تسمى حكومة الشرعية هم أفراد ضيوف يحتمون بقوات الجنوب، لا يستطيعون تحرير متر واحد في أراضي الشمال".
وأضاف بلال أن "حكومة الشرعية هي سبب معاناة شعب الجنوب من الخدمات والرواتب، وهي التي تعرقل كل الخدمات وتدير شبكة فساد تنهب الموارد الخاصة بالشعب الجنوبي".
واوضح بلال أن "المجلس الانتقالي الجنوبي يطالب بتنفيذ اتفاق الرياض ومشاورات الرياض الموقعة بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي، والذي ينص على أن توفر الحكومة اليمنية الخدمات والرواتب للمواطنين".
وقال إن "السر في تعطيل الخدمات حتى الآن من قبل حكومة الشرعية ومن خلفها (أطراف شمالية)، أنها لا تريد للجنوب خيراً، ومثال على ذلك ما صرح به وزير الخارجية اليمني الأسبق عبد الملك المخلافي، الذي قال إن توفير الخدمات واستقرار الجنوب سوف يحقق الانفصال للجنوبيين".
ختاماً..
فيما يرى مراقبون أن الحاصل مفتعل يأتي في سياق الضغط السياسي على الانتقالي الجنوبي، لإجباره على تقديم تنازلات، يرى آخرون أن الشرعية اليمنية المتواجدة على أرض الجنوب هي أساس مشاكل الجنوب وحجر عثرة امام تنفيذ الحلول، وبات رحيلها هو الحل الأمثل والأنسب لها وللجنوب.