أخبار وتقارير
تجارة تهريب المهاجرين الأفارقة إلى الجنوب.. خطر متنامي من يوقفه؟
مع تزايد أعداد المهاجرين الأفارقة القادمين من القرن الأفريقي إلى الجنوب، يرتفع مؤشر الخطر يوماً بعد يوم، ترتفع التوقعات بحدوث اختلالات أمنية وجرائم سرقة وتهريب الأسلحة والمخدرات، ومخاطر لا تعد ولا تحصى تتربص بأهالي العاصمة عدن، خصوصًا كونها تحتضن الكم الأكبر منهم وعدد من محافظات الجنوب عموماً.
في الآونة الأخيرة سجلت عدد من حالات تهريب الممنوعات بواسطة أشخاص مهاجرين من القرن الأفريقي تم ضبطهم من قبل الأجهزة الأمنية بمحافظة أبين، والمستغرب في الأمر حصولهم على بطائق يمنية مزورة.
ويرى مختصون أن الظواهر السلبية المرافقة لتلك الهجرة في تنامٍ مستمر وأنه يتعين على جهات الاختصاص سرعة التحرك قبل خروج الوضع عن السيطرة. لا سيما أن تلك الهجرة لا تندرج تحت إطار النزوح القهري الإنساني الخارج عن الإرادة وإنما هي عمليات هجرة اختيارية ينفق لأجلها أولئك المهاجرون المال، وتتم عبر عصابات تهريب اتخذت منها مهنة وتجارة رابحة غير مبالين بالتبعات السلبية المترتبة، سواءً على المهاجرين أو على البلد المضيف، هل هو مؤهل لاستقبال كل تلك الوفود من عدمه؟
مهاجرون يعرضون حياتهم للخطر لأجل الهجرة إلى بلد ليس أحسن حالاً من بلدهم الأم. وعند وصولهم إلى مدن الجنوب يباشرون في التسول، يستجدون شعباً ليس أحسن حالاً منهم. تساءل ناشطون هل يعلم أولئك المهاجرون عن ماهية البلاد التي يتجهون إليها؟ ألا يعلمون أنها تعاني أسوأ أزمة إنسانية في العالم؟! ألا يعلمون أنها تشهد حرباً وأزمات منذ ما يقارب العشر سنوات؟! هل يساقون إلى التهلكة وهم يعلمون؟ أم أن هنالك من ينقل لهم صوراً تشويقية كاذبة، يوهم أولئك المغفلين أن حياة الرفاهية بانتظارهم؟!
هجرة غير منطقية، يرى محللون أن دوافع سياسية تقف خلفها الغرض منها إنهاك الدولة الجنوبية ومضاعفة معاناة الجنوبيين، مضاعفة البطالة والتهريب والجريمة والفوضى وغيرها من الاختلالات، إشغال الجنوبيين بملفات وهواجس أمنية واقتصادية وخدمية تنسيهم قضيتهم الأم (القضية الجنوبية).
60 ألف لاجئ وطالب لجوء خلال النصف الأول من العام الجاري 2024م
مؤخراً كشف تقرير أممي صدر أواخر أغسطس 2024م أن عدد اللاجئين وطالبي اللجوء في الجنوب، بلغ أكثر من 60 ألف خلال النصف الأول من العام الجاري 2024م.
وقالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تقريرها الذي أصدرته مؤخراً إن إجمالي اللاجئين وطالبي اللجوء الذين تحتضنهم بلادنا خلال الفترة بين يناير - يونيو 2024م بلغ 60,193 شخصاً، يشكل الصوماليون نسبة 64%، يليهم الإثيوبيون (25%)، ثم السوريون (5%)، والبقية من اريتريا والعراق ودول أخرى.
وأكدت المفوضية الأممية أنها الوكالة الوحيدة التي تتولى حماية ورفاهية اللاجئين وطالبي اللجوء في جميع أنحاء البلاد، حيث تقدم وشركاؤها مجموعة واسعة من الخدمات مثل الحماية والوصول إلى الخدمات الأساسية بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية والمياه والصرف الصحي والمأوى والطاقة وبشكل مجاني. خدمات لم يجدها أهل البلد الاصليين بالمال.
وبحسب مصادر مطلعة، وصل إلى سواحل محافظة شبوة نهاية أغسطس 2024م، 209 مهاجرين أفارقة غير شرعيين قادمين من منطقة القرن الأفريقي.
وأوضحت المصادر أن قارب تهريب أنزل 45 مهاجراً يحملون الجنسية الأثيوبية في ساحل عرقة، بينما أنزل القارب الثاني 164 مهاجراً من مختلف دول القرن الأفريقي في ساحل كبدة. ولايزال مسلسل توافد المهاجرين الأفارقة إلى الجنوب في تصاعد مستمر..
آراء متباينة
في السياق تحدث لـ"انتقالي العاصمة" عضو مجلس المستشارين بالمجلس الانتقالي الجنوبي الأستاذ سالم أحمد المرشدي قائلاً: تباينت الآراء حول الأسباب الحقيقية وراء هذا التدفق الكبير للمهاجرين الأفارقة إلى الجنوب، البعض يرى أن الدوافع سياسية، مرتبطة بتأزم الأوضاع الداخلية في دول القرن الإفريقي، إضافة إلى التوترات السياسية والأمنية في المنطقة.
وأضاف: الهجرة من دول القرن الإفريقي ليست جديدة، ولكنها شهدت تصاعدًا في السنوات الأخيرة.
بعض المحللين يعتقدون أن الفكرة قد تكون مدفوعة بتوجيهات داخلية من دول القرن الإفريقي التي تعاني من أزمات داخلية. في حين يرى آخرون أن هذه الهجرة هي نتيجة ترويج غير رسمي في شبكات التواصل الاجتماعي عبر المهاجرين السابقين الذين يروون قصص نجاح في دول الخليج أغلبها قصص وهمية.
وعن سبل إيقاف هذه الهجرة المشبوهة قال الأستاذ المرشدي: إيقاف هذا التدفق يعتمد على عدة أطراف، منها الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي. ولكن الحكومة اليمنية تعاني فساداً إدارياً ومالياً ولا تمتلك القدرة على تشديد الرقابة على الحدود وتكثيف الجهود الأمنية. بينما يلعب المجتمع الدولي دورًا مهمًا من خلال تقديم المساعدات الاقتصادية لدول القرن الإفريقي لتحسين الأوضاع الاقتصادية، وبالتالي تقليل دوافع الهجرة.
وختم قائلاً: يحتاج التعامل مع هذه الظاهرة إلى تعاون دولي وإقليمي مع المجلس الانتقالي الجنوبي، والعمل من خلال استراتيجيات واضحة لمعالجة الأبعاد المختلفة لهذه المشكلة.
إمعات بشرية قابلة لجميع الاحتمالات السلبية
من جهته القيادي بانتقالي محافظة أبين الأستاذ حيدره عبد الله تحدث لـ"انتقالي العاصمة" قائلاً: لا نعلم من يسوق تلك الوفود، ولكن الذي نعلمه أن لتلك الوفود (سمع وبصر وعقل)، ولكنهم للأسف (إمعات) بشرية يسهل اصطيادها وتوجيهها بالريموت كنترول. وأضاف: تلك الحشود المنساقة إلى الجنوب قابلة للأدلجة والبرمجة وخوض جميع الاحتمالات السلبية تحت تأثير (المال)، ويتعين على الجهات الأمنية والعسكرية الجنوبية وضع حد نهائي لها، قبل أن تكبر وتتوسع وتخرج عن إطار السيطرة.
ما الهدف من الهجرة الى بلد غير مستقر؟
وكان القيادي بالمجالس الانتقالي الجنوبي الأستاذ فيصل النجار مسك ختام تقريرنا، حيث تحدث لـ"انتقالي العاصمة" قائلاً: تدفق اللاجئين من الحبشة والقرن الأفريقي إلى الجنوب بأعداد كبيرة وبفئات عمرية شبابية، من ذكور وأناث، أمر مريب وراءه أكثر من استفسار.
وما هو الهدف الرئيسي من الهجرة إلى بلد غير مستقر سياسياً وأمنياً واقتصادياً كالجنوب الذي لا توجد به فرص للعمالة الأفريقية؟! في الحقيقة هذا موضوع سبق وكتبنا عنه وناقشناه في أغلب أجتماعات الهيئات التنفيذية بانتقالي المديريات وبالعاصمة عدن، ولكن لا يوجد تجاوب ولا نتائج مقنعة أن هؤلاء لا يشكلون أي خطر محلي على السلم والأمن الاجتماعي، ولا يوجد ما يضمن ويطمئن أن تدفقهم بهذه الكثافة لا يرافقه نقل الأمراض والفيروسات والسلوكيات الخطيرة والدخيلة على مجتمعنا المسالم.
وتابع الاستاذ فيصل قائلاً: 60 ألف أفريقي خلال النصف الأول من العام 2014م، رقم يستحق الوقفة والتأمل بشأنه من قبل ولي الأمر وأجهزة البلد الأمنية، فالرقم كبير ومثير للدهشة والقلق، ويشتبه أن خلف هذه الأعداد مخططاً لجهات خارجية وداخلية. والخطر الأكبر أن يتم تجنيدهم لأطراف معادية للجنوب عسكرياً وأمنياً.. ونلاحظ أنه مع أستمرار مكافحة الإرهاب من قبل القوات الجنوبية تزايد تدفق الأفارقة المجهولين.
وتحليلي الشخصي يؤيد فكرة أن وراء هذا التدفق دوافع سياسية وإرهابية لخلط الأوراق واستخدام تلك الأعداد لأغراض شيطانية تعوض نقص المقاتلين في صفوف الحوثي والإرهاب والإخوان. وقال الاستاذ فيصل: سبق أن عرفت عبر أصدقاء ثقات في محافظة أبين أن هناك معسكراً للأفارقة في إحدى المناطق الوسطى، فماذا ننتظر من حشدهم إلى معسكرات خاصة بهم؟! ولكن يظل السؤال مطروحاً أمام قيادتنا السياسية والعسكرية والأمنية والقبلية: من هي الجهة التي تستورد الفهود الأفريقية إلى الجنوب عبر البحر؟ والغريب بالأمر أنهم على البر يخترقون نقاط التفتيش الأمني سيراً على الأقدام ولا من يوقفهم أو يحقق معهم!
وختم متسائلاً: هل دخول الأفارقة بالآلآف إلى الجنوب يعطينا قراءة أولية أن مستقبل البلاد سيكون في مواجهة الاحتلال الحبشي الأول للجنوب بأدوات داخلية وجهات حوثية أو إخوانية أو حزبية؟! واقع مرير ينتظرنا من وراء استمرار هجرة الأفارقة غير الشرعيين إلى الجنوب ووسط صمت السلطات الجنوبية المختلفة. وهل يخفي الموضوع سراً لم يكتشف بعد؟ هل من كاشف لأمر هؤلاء؟
وهل من يوقفهم قبل أن يقع الفأس بالرأس..؟
نتمتى ذلك..!