أخبار وتقارير
في ظل الانهيار المتسارع للعملة المحلية.. إقالـة بن مبارک هل توقف الحرب الاقتصادية على الجنوب..؟
أجمعت النخب السياسية والمتابعة للشأن السياسي والأقتصادي خاصة، في محافظات الجنوب وما تبقى من مديريات محررة في تعز ومأرب، على أن حكومة الدكتور أحمد عوض مبارك هي الأسوأ من بين الحكومات التي تعاقبت على الوزارت في الجنوب، منذُ الإطاحة بحكم المخلوع عفاش.
منذ تشكيلها، عجزت حكومة بن مبارك، عن تقديم خطط اقتصادية واضحة المعالم، لبيان توجهاتها خلال المرحلة القادمة يمكن اعتمادها ودعمها وتمويلها، ومحاولة وقف الانهيار المتسارع للعملة المحلية التي تجاوز سعرها عتبة (530 ريالاً) أمام الريال السعودي الواحد، وأكثر من (2020) للدولار الأمريكي.
في هذا الصدد، نشرت صحيفة "سمانيوز" الصادرة عن الرابطة الإعلامية الجنوبية ـ سما، بالعاصمة عدن، في عددها الأسبوع المنصرم، تقريراً مطولاً تحدثت من خلاله عن عجز حكومة السيد بن مبارك في إدارة الشؤون الأقتصادية، ناقلة في تقريرها عن مختصين قولهم: "إن بن مبارك ليس (رجل دولة)، وغير مؤهل من جميع النواحي لإدارة شؤون البلد، وقد أوكلت إليه مهمة أكبر من حجمه وتتجاوز قدراته بكثير".
وطرحت الصحيفة في ذلك العدد العديد من التساؤلات عن سبب صمت الحكومة المخجل، في إيضاح أسباب الانهيار المستمر للعملة المحلية، وما رافق ذلك من فقدان رواتب الموظفين قيمتها الشرائية، وارتفاع جنوني للأسعار بشكل عام، حتى بات أكثر من 80% من شعب الجنوب يعيشون تحت خط الفقر..؟!
الصحيفة نشرت في هذا السياق اقتباساً من منشور للصحفي "ماجد الداعري"، كتبه على جداريته بالفيس بوك، اتهم من خلاله حكومة بن مبارك بـ"الصوص والحرامية"، قائلاً: "لا خير فيهم للبلد وشعبه المنكوب، ولا همّ لهم غير مصالحهم وعائلاتهم.. وكيف يسرقون أكبر قدر ممكن من ما تبقى من مقدرات البلد بأقل وقت ممكن، استعداداً لقرارات تغييرهم بأي وقت ولحظة، وانتقالهم للعيش بالخارج كسابقيهم"، مقسماً يميناً: "أن بن مبارك أصغر من أن يقوم بإصلاحات اقتصادية فعلية أو يحارب فساداً"، مؤكداً قوله: "أنه غير فاهم أو مستوعب حتى لما تعنيه أهم مصطلحات الاقتصاد والإصلاحات الاقتصادية.. وأعرفه عن قرب وأكثر من أي شخص آخر، من خلال تجربة عملي معه بمؤتمر الحوار الوطني الذي أثبت فشله".
ووصف تقرير لصحيفة "العرب اللندنية" نشرته مطلع شهر أكتوبر الجاري، شراكة المجلس الانتقالي الجنوبي "الاقتصادية والمالية" مع الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بـ"غير المتكافئة"، معبراً عن "عدم استعداد محافظات الجنوب لمواصلة تمويل رواتب الآلاف من الموظفين التابعين للسلطة الشرعية الفارّين من مناطقهم في الشمال، فيما تحتفظ محافظة مأرب الغنية بمواردها للتصرف فيها محلياً".
تغيير قواعد اللعبة..
"إقالة بن مبارك" هل توقف انهيار العملة؟
تحت عنوان "انهيار العملة" وتبعات ذلك، كتب الأستاذ صالح علي الدويل مقالاً أشار من خلاله إلى توجهات قادمة قد تطيح بحكومة أحمد عوض بن مبارك، بسبب الانهيار الكارثي للعملة المحلية، وما ينتج عنه من تداعيات كبيرة تعكس آثارها السلبية على المواطن الجنوبي في جميع مناحي حياته، اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.. متسائلاً ما إذا كانت الإقالة المزمعة حلاً ضرورياً لتتغير قواعد اللعبة في الجنوب..؟
الدويل استرسل في مقاله كثيراً، أوضح من خلاله الكثير من الأمور الهامة، ولأهميته في صلب تقريرنا هذا نورده كما جاء:
بسبب الانهيار الكارثي للعملة طالب البعض ليس بإقالة رئيس الوزراء من منصبه، وهي إقالة لن تعالج وتحل مشكلة انهيار الريال أمام العملة الأجنبية، فالمهم في المعالجة ليس الإقالة بل المهم هل تبقى قواعد اللعبة كما هي قبل الإقالة أم ستتغير..؟
هذه القواعد لم يغيرها اتفاق الرياض ولا تشكيل الرئاسي ولا يديرها الرئاسي ولا بن مبارك وحدهما، بل جزء من أدوات الحرب وجزء من نظام المحاصصة الذي يحمي الفساد، فلو ظلت تلك القواعد وتلك المحاصصة المحمية فلا تحسّن للوضع المالي والاقتصادي، لأن ذلك يمنع الشفافية ويمنع المساءلة والمحاسبة.
فقيمة الريال في مناطق الحوثي محددة ومراقبة من قبل السلطة لغرض سياسي، أما في المناطق المحررة فهي معوّمة بعرض السوق وطلبه، فيبيع البنك العملة، لكن اختلاف النهجين يُستَثمر لاستقرار الوضع في الشمال واضطرابه جنوباً، إضافة إلى سيطرة الرسمال الشمالي على السوق، وبالتالي السيطرة على العملة الأجنبية، وكذا تجارة القات التي تتحول إلى الشمال بالعملة الأجنبية، وكلها عوامل ليست لصالح الجنوب.
ومن الأسباب الظاهرة لانهيار العمل منع الحوثي تصدير النفط، وعدم قدرة أو رغبة الدول الراعية في كبحه، وكذا الضغط الإقليمي على البنك المركزي للتراجع عن قراراته، وتنصل دول ولاية الحرب عن الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه البلد باعتبارها المسؤولة عن قرار وإدارة المرحلة، عدا الأسباب السياسية المتعددة.
والسبب الرئيس في انهيار العملية السياسية اليمنية هو الانقلاب الحوثي وممارساته التي ألحقت الضرر بالمنظومة الاقتصادية والمالية وعرضتها للعبث والتخريب، وكذا إدارة البلاد عن بُعد وما يكلف من هدر للموارد الضئيلة وبالعملة الأجنبية على 8 قطعان من الشرعية في السفارات البعثات والملحقيات، والكم الهائل من الدرجات الدبلوماسية التي تنهب العملة ولا فائدة منها، وكذا فساد رواتب الحكومة والنواب والنافذين الذين يستلمون رواتب بالعملة الأجنبية.
مهما كانت التحذيرات ومهما كان مصدرها من خطورة الكارثة الاقتصادية والمالية، فإن استمرار البنك في سياسته المالية الحالية لن تجدي، وهي كمن يحلب في غربال، سوى ما يخص ضخ العملة الأجنبية عبر المزادات التي تفتقر إلى الشفافية، والتي تذهب غالبيتها لصالح بنوك وشركات صرافة تقع مراكزها في صنعاء ومناطق سيطرة مليشيا الحوثي، ولا تستفيد منها السوق المحلية في المحافظات المحررة أو غيرها من مسارب الفساد المالي، الذي صار هو القاعدة وليس الاستثناء، ولا يقتصر الأمر على سياسة البنك بل سياسة الحكومة التي ظلت تكرر موروث الفساد من العهد السابق في ظل حرب أكلت كل المدخرات.
إن غلاء المعيشة خنق الجميع يومًا بعد يوم، وجعل الحياة صعبة على الجميع، فالأسعار في ارتفاع والرواتب تتآكل قيمتها الشرائية، فلا تستطيع تغطية الاحتياجات الأساسية للأسرة.
ختاماً..
لا يمكن لحكومة الشرعية حل هذه الأزمة بمعالجات اقتصادية فقط، في حين أن الأسباب الحقيقية لهذا الانهيار في مجملها - سياسية وعسكرية - بدأت بنهب البنك المركزي في صنعاء، ولم تتوقف عند استهداف الميليشيات الحوثية لموانئ تصدير النفط، والسياسيون غارقون في وعودهم الفارغة ومصالحهم الشخصية، وانعكس ذلك على المواطن الذي يعاني بسبب فشلهم وفشل دول ولاية الحرب في إدارة الأوضاع..!