تفاهمات اتفاقية لا يحترم بنودها من وقع عليها ، لايمكن الركون اِليها ..!

 

 

من الخطاء الافراط في التفاؤل و التوهم بان التفاهمات الاخيرة التي جرت في العاصمة السعودية الرياض بين فريقي التفاوض للانتقالي و للشرعية و التي عرفت بآلية تسريع خطوات تنفيذ اتفاق الرياض و ما تمخض عنها من تكليف الرئيس هادي لرئيس الحكومة الحالي معين عبدالملك بتشكيل حكومة جديدة مناصفة بين الشمال و الجنوب،  يكون المجلس الانتقالي الجنوبي شريكاً فيها و كذا قيامه باصدار قرارين هامين قضيا بتعيين محافظ و مدير أمن للعاصمة عدن  ، من الخطاء الافراط في التفاؤل و اعتبار هذه التفاهمات و ماتلاها من قرارات هي نهاية المطاف او انها بمثابة الحل النموذجي للصراعات التي جرت بين الشرعية والانتقالي طوال الفترات الماضية اذ و برغم الاعلان عن هذه الخطوات لا تزال اسباب هذه الصراعات قائمة و حاضرة بل و تبدو اكثر وضوحاً عن ذي قبل .

 فالانتقالي ازداد اليوم ثقة بالنفس و اصبح اكثر صلابة و قوة و تمسكاً بخيار استعادة الدولة و بات نفوذه يترسخ و يتمدد بشكل اكبر في عموم محافظات الجنوب بما فيها شبوة و وادي حضرموت المسيطر عليهما من قبل الاخوان و غدئ يحظى بتفهم لدى بعض قطاعات و نخب الشمال .

و في المقابل ازداد الطرف الجنوبي  الاخر المنتمي للشرعية ارتهاناً و خضوعاً لهيمنة  القرار الشمالي الاخواني ليصبح هذا الطرف مجرد اداة او دمية لتنفيذ اجندة قوى الشمال الاخوانية الراغبة في اعاده اخضاع الجنوب و بالتالي و وفقاً لهذه المعطيات فان  هذه التفاهمات لا تملك شيئاً من اسباب و فرص النجاح سوئ شخصية الراعي لهذا الاتفاق المتمثل في الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية التي لولا الله ثم جهودها و ضغوطاتها على الطرفين لما رأت هذه التفاهمات و هذا الاتفاق النور .

و بعيداً عن الدخول في تفاصيل الآلية التنفيذية و ماحوته من خطوات لتسريع اتفاق الرياض او حتى اتفاق الرياض نفسه فاننا لسنا بحاجة لعين ثاقبة لنرى عوامل الخلاف التي تبدو اكثر بكثير من عوامل الالتقاء في هذا الاتفاق و في هذه التفاهمات لدرجة انه و مهما  كانت جدية المجلس الانتقالي في الالتزام ببنود الاتفاق و حرصه على تنفيذ  ما جاء فيه و في آليته التنفيذية برغم انتقاصه من المكاسب التي حققها على الارض فان مايعرف مجازاً بالشرعي غير جادة و لا ترغب في تنفيذ بنوده الا بمايتوافق مع اهوائها و مصالحها و حتى لو وجدت بعض العناصر الوطنية داخل صفوف هذه المنظومة فانها تظل مجرد صوت خافت لا حراك فيه و مايصعب الامر عليها ( اي هذه المنظومة ) الخليط الغريب و الهجين الذي تحويه و تتكون منه اذ تتشكل من قوى لا تحمل اي مشروع او حتى فكر وطني يستوعب كل اليمن شماله وجنوبه  و لا يجمع بينها و يوحدها سوى الحقد و الرغبة في اخضاع الجنوب و اعادة السيطرة عليه فكل قوة من هذه القوى الهجينه تنطلق         من حساباتها الشخصية الضيقة تجاه الجنوب فهناك قوى عقائدية تريد السيطرة على الجنوب  في اطار مشروعها العابر للحدود و للاقليم و هناك قوى نفعية شماليه و جنوبيه تتكسب من الحرب و تستفيد منها و من اطالة امد الصراع و هناك قوى مناطقية جنوبية يدفعها فقط حقدها و حمية الثار و روح الانتقام على خلفية صراعات الماضي و بالتالي لا تستطيع الرياض و مهما بلغ تاثيرها ان تلجم هذه القوى او تفرض عليها الجنوح للسلم و ما استمرار تدفق امدادات السلاح و الذخيرة من مارب الى هذه القوى مجتمعة في شقرة الى يومنا هذا و كذا استمرار الخروقات اليومية من قبلهم و تصاعد هجماتهم امام مرئى ومسمع اللجنة السعودية المشرفة على تنفيذ وقف اطلاق النار في جبهة محور ابين دونما ان تحرك ساكناً الا دليل واضح على عدم رغبة المملكة الدخول في صراع مع هذا الهجين الذي تتشكل منه  الشرعية اما ضعفاً و اما لسياسة النفس الطويل التي تتبعها المملكة مع اطراف الصراع في اليمن عموماً . 
    
لذلك كله شئنا ام ابينا نحن اليوم على عتبة نزال قادم لا محالة اذ تعمل هذه الشرعية الهجينة و مليشياتها على التحضير حالياً و الاستعداد في شقرة لغزوة جديدة للجنوب و لا يبقا امامنا نحن الجنوبيين و مجلسنا الانتقالي و قواتنا المسلحة الجنوبية الا الاستعداد الامثل لخوض هذا النزال و التصدي لاي غزو قادم في اطار حق الدفاع عن النفس و علينا عدم الركون لتفاهمات اتفاقية لا يحترم بنودها من وقع عليها و لا يملك من رعاها القدرة على لجم من يرفض احترامها .

مقالات الكاتب