في السياسة لا تشدد ، ولا تفريط بالأوطان ..!

 

 

 

دار ولازال الكثير من اللغط في الشارع الجنوبي إزاء المبادرة المقدمة من قبل المملكه العربية السعودية والمسماة إنهاء الأزمة اليمنية والتوصل إلى حل سياسي شامل ، ذلك أنها احتوت في ديباجيتها على المرجعيات الثلاث ، والذي خرج الملايين من ابناء الجنوب بالعديد من المليونيات إلى مختلف الساحات الجنوبية ابان الحراك السلمي حيث تم رفضها جملة وتفصيلا ، إضافة إلى تجاوز المبادرة لإتفاقية الرياض 2،1 ، ليس هذا فحسب بل أنها لم تذكر شعب الجنوب وقضيته العادلة بشكل مباشر وصريح. 

أمام كل ذلك فقد تعامل المجلس الإنتقالي الجنوبي بإيجابية ، وبدهاء سياسي وخلافاً لتوقعات الكثير ، وبالنسبة لي أرى أن المجلس الإنتقالي الجنوبي قد اتكئ بقراره على العديد من الحيثيات منها :

أولاً : تعامل المجلس مع المبادرة على أنها ليست كلاماً منزلاً لايمكن التعديل عليه ، بل يمكن الزيادة والنقصان عليها بحسب رؤى ومصالح كل طرف ، وذلك امر متعارف عليه شرعًا وقانونًا ،محلياً ودولياً .

ثانياً : أن وقف الحرب وإشاعة السلام هو مطلب محلي وإقليمي ودولي كما هو مطلب للمجلس الإنتقالي الجنوبي من حيث المبدأ .

ثالثاً : أن وقف الحرب سيؤدي إلى معالجة الأزمة الإنسانية المستفحلة والإنهيار الإقتصادي الشامل ، وهو مطلب شعبي في الجنوب واليمن .

رابعاً : أن دعوة حكومة المناصفة بين الجنوب والشمال ، وهي حكومة مرحلية تفضي الى حل سياسي ، والتي تم تشكيلها بموجب اتفاقية الرياض 2 ، يعني ضمناً إعتراف المبادرة بإتفاق الرياض 2،1 ،وأيضاً تعني ضمناً الإعتراف بالمجلس الإنتقالي الجنوبي طرفاً في هذه المفاوضات ، وليس بالضرورة أن يكون ضمن وفد الحكومة ، فهذا الامر ستحدده الآليات التي سيتفق عليها لاحقاً حول تحديد أطراف التفاوض وعملية التفاوض ذاتها.

خامساً : أن تأكيد المبادرة على مشاركة جميع الأطراف في المفاوضات كشرط للوصول إلى حل شامل ودائم ، هو أيضاً دعوة صريحة للمجلس الإنتقالي الجنوبي للمشاركة بإعتباره أحد الأطراف والقوى الفاعلة على الأرض، حتى وإن لم يذكر ذلك بصريح العبارة.

سادساً : إن المجلس الإنتقالي الجنوبي قد لازم قبوله بالمبادرة بضرورة أن تضمن وتحقق بالنتيجة تطلعات شعب الجنوب المشروعة في استعادة دولته كاملة السيادة على الأرض الجنوبية ، والمعترف بها قبل العام 1990م ، وهذا هو مربط الفرس ، وجوهر قبول المجلس الإنتقالي الجنوبي للمبادرة مع التعديل .

وبذلك نجد أنه عند القرآءة الكاملة وبتمعن لموقف المجلس الإنتقالي الجنوبي بقبوله المبادرة بشروط ، قد أبدا مرونة ونضجاً سياسياً ليس فيه تشدداً في التنوع بطرق المفاوضات ، ودون التفريط بالاهداف الوطنية الجنوبية المنشودة.

وفيما إذا تعثر تحقيق تلك الأهداف سياسياً ، فنحن ثابتون على اأرضنا الجنوبية ، ونحن أسيادها ، وستبقى يدنا على الزناد ، ولن نفرط بذرة رمل من ترابها، ولن يتحقق الأمن والسلام في المنطقة والإقليم إلا بإستعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة على أرض الجنوب ، وهذا ما أكد عليه المجلس الإنتقالي الجنوبي في كل أدبياته .

مقالات الكاتب