خصوم الانتقالي وسياسة السيارات المفخخة ..!
خالد سلمان
الجمعة 16 قتيلاً من القوات الجنوبية في مودية والعديد من الجرحى في حصيلة أولية. &nb...
وزير الداخلية (الجنوبي) في حكومة المناصفة، بين الشمال والجنوب، كتب تغريدة على صفحته في تويتر يقول فيها "عودة الحكومة إلى مدينة عدن قبل تنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض هو شرعنة حقيقة وإنقاذ للمجلس الانتقالي الذي يتعرض لضغط شعبي واحتجاجات متواصلة بسبب غياب الخدمات وانتشار الجريمة، فأما يتحملون المسؤولية أو نتحملها نحن".
لندع الأخطاء اللغوية والإملائية في التغريدة وندخل في صلب مضمونها:
فأولا: يؤكد معالي الوزير ما قلناه وقاله كثيرون غيرنا مراراً أن حرب الخدمات على عدن والجنوب هي حرب مقصودة ومدبرة ومخطط لها، وللأسف ليس من قبل الحوثيين الذين يتولون تنفيذ حرب أخرى في جميع مناطق التماس بين الشمال والجنوب، من عقبة ثرة حتى قعطبة والضالع والازارق والمسيمر وكرش والصبيحة، بل من قبل مراكز نفوذ داخل السلطة الشرعية، وأن الهدف من هذه الحرب هو تركيع الشعب الجنوبي ووتحريضه على المجلس الانتقالي، وتغريدة الوزير تكشف هذه الحقيقة بلا مواربة أو تزويغ، بغض النظر عما في هذه السياسة من غباء وحماقة متناهيين.
ثانيا: لا أدري إن كان جهلا أم تجاهلا، أن لا يعلم وزير في حكومة (شرعية) من المسؤول عن ملفات الخدمات، أقول ملفات لأن الخدمات كثيرة ولكل خدمة ملف خاص بها، وتشمل طائفة واسعة من واجبات الحكومة تجاه المواطنين الذين يفترض أنها تمثلهم وتلبي متطلبات جياتهم، وهذا كل ما على الحكومة القيام به وليس لديها مهمات أخرى سواه، ولن يقوم أحدٌ سواها يهذه المهمة، وعندما تتفرج الدكومة على الشعب وهو يعاني المرارات ويتجرع العذابات بسبب فشلها أو إصرارها على الفشل، وتنتظر أن يثور الشعب الذي تمعن في تعذيبه ضد المجلس الانتقالي فإن هذا يتجاوز حدود المماحكة السياسية الغبية، إلى حدود الجريمة المنظمة والمقصودة.
ثالثاً: أعتقد أن المستوى المعرفي والتعليمي للوزير يمكنه من إدراك أن لكل خدمة من الخدمات وزارة تتعلق بها مسؤولية أدائها، ولست بحاجة لأقول له إن للكهرباء وزارة ووزير، وللمياه والبيئة وزارة ووزير، ومثلهما الخدمات الطبية والتعليم والمواصلات والاتصالات والتمويل والنفط والمالية وغيرها، وكل هؤلاء الوزراء هم زملاء لمعالي الوزير في الحكومة، ويعلم معاليه أن المجلس الانتقالي ليس شركة كهرباء أو مؤسسة لتوزيع البترول ، بل هو كيان سياسي له ممثلين في الحكومة التي هو أحد أعضائها، وأن الشعب الجنوبي يعلم جيدا من يحرمه من المياه النقية والكهرباء ومن الخدمة الطبية والرعاية الاجتماعية وانتظام التعليم وتوفير الوقود والمرتبات الشهرية للموظفين والمتقاعدين، ومن يعبث بملف العملة المحلية التي بلغت أسوأ مراحل انهيارها، وهو بالتأكيد ليس المجلس الانتقالي وأن الضغط الشعبي والاحتجاجات أمر مفهوم وحقيقة واقعة لكنهما ليسا ضد المجلس الانتقالي بل ضد من يتحكم بهذه الملفات ويحولها إلى أداة غبية لمماحكة سياسية حمقاء لا معنى لها ولا مبرر.
رابعاً: وأدهي وأبشع ما في تغريدة الوزير أنه يتباهى بانتشار الجريمة في عدن ومدن الجنوب، بينما يفترض أنه هو المسؤول الأول عن محاربة الجريمة لكنه يستمتع بانتشارها واتساع مساحاتها لعلها تطيح له بالمجلس الانتقالي الجنوبي، وهو وهم لا أدري كيف بناه مسؤول يقال أنه تأهل في كليات شرطوية يفترض أنه تعلم فيها كيف يتتبع الأسباب للوصول إلى النتائج، وأن لا يبني استنتاجاته على الأوهام والتمنيات.
وأخيراً: لقد أصم البعض أسماع الناس بالعويل والنواح من عدم تنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض، ولا أدري ما الذي منعهم من التنفيذ، ومن هنا نقول لهم: اتكلوا على الله وانقلوا الألوية والفيالق العسكرية والأسلحة المنتشرة في وادي وصحراء حضرموت والمهرة وشبوة، انقلوها إلى مأرب والجوف والبيضاء وكل جبهات المواجهة مع الحوثيين، لتستعيدوا المحافظات التي سلمتها قواتكم للشقيق الحوثي،. . . افعلوها ولا تنتظروا موافقة الانتقالي، ونضمن لكم أن أنه لن يعترض على هذا الموقف بل سيقف إلى جانب هذا الإجراء بكل ما يملك من قوة، ونتوقع أن هذا الإجراء سيسرع من استعادة هذه المحافظات ومن ثم الوصول إلى صنعاء في أقل من عام إذا ما قررتم محاربة الانقلابيين يجدية وإصرار.
حديث وزير الداخلية الجديد ذكرني بأحاديث زميله وزير الخارجية السابق، الذي قفز من طباعٍ في قسم الجوازات الدبلوماسية إلى وزير خارجية، حينما ترك السفارات والقنصليات والعلاقات الدولية وأزمات المغتربين ومعاناتهم والإهانات المتواصلة التي يتعرضون لها في أماكن إقاماتهم، ترك كل هذا وتفرغ للعن النخبة الحضرمية وقوات المقاومة الجنوبية، . . . فوزير الداخلية الجديد يسير على نهج زميله السابق، ويترك الأمن والأمان ومكافحة الإرهاب ويتباهى بالجريمة بدلا من محاربتها وينشغل بالمجلس الانتقالي الذي هو شريك معه في حكومة واحدة.
كم كنت أتمنى أن نرى وزيرا بمهنية واحترافية محسن العلفي أو صالح مصلح أو محمد البطاني أو علي ناصر لخشع أو على لطف الثور، لكن شتان بين زمن وزمن، وبين رجال ورجال.
ولله في خلقه شؤون