خصوم الانتقالي وسياسة السيارات المفخخة ..!
خالد سلمان
الجمعة 16 قتيلاً من القوات الجنوبية في مودية والعديد من الجرحى في حصيلة أولية. &nb...
كل من أراد العودة بالذاكرة إلى الأعوام الأولى لاجتياح الجنوب في 1994م، وتحديداً في العام 1997م، لا بد أنه يتذكر ما عرف حينها بحادثة “اغتصاب المكلَّا”.
وملخص القصة يكمن في أن فتاة وأمها كانتا تركبان سيارة تاكسي في أحد شوارع مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت، حينما أوقفهما ضابط شرطة بحجة عدم وجود محرم وجرهما إلى مركز الشرطة التي يديرها ويتحكم فيها جنود وضباط من الوافدين من المحافظات الشمالية الشقيقة.
في مركز الشرطة قام الضابط ويدعى أحمد عبده الحداد من أبناء محافظة إب وزميل له من نفس المجموعة باغتصاب المرأتين (طبعا سقطت حكاية المحرم، فالجريمة لا تحتاج محرماً)، وتحولت الحادثة إلى عمود لهب أشعل النيران في مدينة المكلا وكل مديريات حضرموت من خلال مسيرات جماهيرية سلمية واجهتها قوات السلطة الوافدة بالرصاص الحي وسقط على إثر تلك المواجهة غير المتكافئة الشهيدان أحمد بارجاش وفرج بن همام كأول شهيدين للمقاومة السلمية الجنوبية لاحتلال 1994م.
وحينما أرادت سلطات 7/7 تجميل وجهها القبيح الذي كشفت عنه هذه الحادثة، وأحالت ملف القضية إلى القضاء، جاء ممثل النيابة ويدعى الضوراني (من منطقة ضوران بمحافظة ذمار الشقيقة)، والذي يفترض أنه مدافعٌ عن الضحايا، ووصفَ حرائر حضرموت بالـ”عاهرات” مما زاد الأوضاع المشتعلة اشتعالاً وأوقفت مسرحية المحاكمة دونما نتيجة ولم تتخذ سلطات 7/7 أي إجراء ولو إداري أو تأديبي لا تجاه المجرمين الرئيسيين ولا تجاه ممثل النيابة الذي تحول من مدافعٍ عن الضحايا إلى جانٍ، بل جرى طمس القضية وتهريب الجناة الثلاثة إلى محافظاتهم، وترقيتهم إلى مناصب ورتب عسكرية وأمنية ونيابية أعلى مكافأةً لهم على نجاحهم في إهانة الجنوب وحرائره وجميع الجنوبيين.
لم تسقط أحداث هذه الفترة من ذاكرة الجنوبيين ، ولو نساها أو تناساها من انخرطوا في لعبة شرعية 1994م فلم ينسها ولن ينساها من اكتووا بنيران تلك الفترة الأشد بؤساً وقتامةً وسوداويةً في تاريخ الجنوب والجنوبيين، لكن ما أعاد هذا الحدث إلى مقدمة الذاكرة هو الإعلان عن وفاة (البطل) الرئيسي لحادثة “اغتصاب المكلا” أحمد الحداد بمدينة إب بعد أكثر من ربع قرنٍ على الحادثة التي لم تسقط من ذاكرة الجنوبيين.
الجاني الحداد الذي يفترض أنه قد قضى فترة ما بعد الجريمة في السجون، مات وهو يحمل رتبة عقيد بعد أن كان يحمل رتبة ملازم حين ارتكابه جريمة الاغتصاب.
حادثة “اغتصاب المكلا” ليست جناية فردية بل هي جزئية صغيرة من اغتصاب أكبر شمل الأرض والإنسان والتاريخ والهوية والثقافة وكل ما له صلة بالجنوب أرضاً وإنساناً وتاريخا ومستقبلاً.
الموت ليس عقوبة للمجرمين بل هو حق على المؤمن والكافر، والتقي والمنافق، والمستبد والعادل، والطغاة والانبياء وقد أخذ الفراعنة والنماردة والأكاسرة والقياصرة مثلما أخذ الأنبياء والرسل والزاهدين والأولاياء الصالحين.
لكن لحادثة “اغتصاب المكلا” وخلفياتها وأبعادها مساراً آخر عند أرحم الراحمين وبين يديه حينما يقف الظالم والمظلوم وينال كل امرءٍ جزاءَ ما قدمت يداه.
وليت الطغاة يتعظون ..!