أستمرار مشكلة إضراب المعلمين، ولا حلول تلوح في الأفق.. "التعليم في العاصمة عدن" فقط، لمن يدفع أكثر..!

انتقالـﮯ العاصمة / استطلاع/حنان فضل

 

عن انتشار المدارس الخاصة والتعليم لمن يدفع فقط، وكيف أصبحت المدارس الخاصة ملاذًا للنخبة الكبيرة، وعبئًا على الطبقة المتوسطة والفقيرة؟، نشرت صحيفة "سمانيوز" الصادرة عن الرابطة الإعلامية الجنوبية ـ سما، استطلاعا ميدانيا مطولا اعدته الزميلة الصحفية حنان فضل، ولاهميته تعيد صحيفة "انتقالـﮯ العاصمة" نشره كما سبق.

إلى متى تظل المدارس الحكومية مغلقة أمام الطلاب والطالبات؟ هل مع بدء العام الدراسي الجديد تحل مشكلة الإضراب أم تظل المشكلة من دون حلول جذرية تذكر من الحكومة اليمنية؟

 

التعليم الخاص وأزمة إضراب المعلمين: 

قال أ.مشارك. د.عبود بن عبادي نائب عميد كلية ردفان الجامعية للشؤون الأكاديمية - جامعة لحج: في كل دول العالم يتم إنشاء مدارس نوعية تقدم تعليماً راقياً وذا جودة عالية، وفقاً لمعايير الجودة المتفق عليها، حيث تسند مهمة إدارة هذا النوع من التعليم إلى كفاءات إدارية متميزة ومشهودة، ويختار لها أنجب المعلمين وأكثرهم كفاءة أكاديمية، وتقدم للطلبة مناهج دراسية حديثة ومتطورة، تساعد على تخريج نخبة من الطلاب والطالبات النجباء والمتميزين في مختلف مجالات العلوم.. فهل هذا ينطبق على المدارس الخاصة في بلادنا، لاشك أن هناك فرقاً كبيراً بين ما هو قائم عندنا وما هو موجود في البلدان الأخرى.

وأضاف: أصبح هدف المدارس الخاصة في بلادنا الحصول على الربح، بغض النظر عن جودة التعليم.. لذلك، لا يطبقون معايير الجودة على مدخلات هذه المدارس سواء كانوا طلاباً أو معلمين. كما أن المناهج تقليدية والرسوم الدراسية مرتفعة لا يقدر على دفعها إلا أبناء الأسر الثرية، أما أبناء العائلات الفقيرة فيحرمون من دخول هذه المدارس، خاصة عندما تكون هناك حاجة ماسة لهم لإتمام مسيرتهم التعليمية، في ظل استمرار أزمة إضراب المعلمين الذي سيدخل عامه الثاني دون أن تلوح في الأفق بوادر لحل هذه الأزمة.

 

 

المدارس الخاصة أشبه بمحال الصرافة: 

وقال التربوي فيدل عبدالله محمد البشيري: انتشار المدارس الخاصة أشبه بانتشار محال الصرافة التي استنزفت العملة الصعبة من البنك المركزي، حتى وصل إلى حالة الإفلاس.. كذلك المدارس الخاصة أفرغت التعليم الحكومي من مضمونه، وأضعفت صوت المعلمين، وأوجدت مبررات للقيادة للهروب من استحقاقات التعليم، وتحقيق مطالب المعلمين المشروعة.

وتابع قائلاً: ليس هناك أي بوادر تلوح في الأفق على توجه الحكومة والرئاسي لإيجاد حلول جذرية لمشكلة التعليم، ومنها مشكلة إضراب المعلمين.. بل أجزم بعدم وجود نوايا أو مجرد التفكير في إيجاد حلول ولو مؤقتة.

إذ تظل المدارس الخاصة هي البديل الأسوأ للتعليم الحكومي، وهي بمثابة قنبلة موقوتة تنسف مستقبل الأجيال وما تبقى من كيان تربوي حكومي، وتفرغ التعليم من مضمونه.

كارثة تربوية تلحق بالمعلم:

وواصل الدكتور وليد ناصر الماس، كاتب صحفي، بالقول: موضوع إضراب المعلمين الذي يعني استمراره خلال العام الدراسي القادم كارثة تربوية تلحق بالتعليم العام في بلدنا، ونتمنى ألا تحدث، يقف أمام هذه الظاهرة عدد من الأسباب، من ضمنها تدني مرتبات الموظفين في قطاع التربية والتعليم مع استمرار انهيار العملة، حتى صارت لا تلبي أقل قدر من ضروريات الحياة المعيشية اليومية. ورغم ذلك لم تستجب الحكومة لمناشدات المعلمين والمطالب المرفوعة إليها من قبل النقابات التربوية، بل تم تهديد المعلمين بإيقاف هذا الفتات عليهم، وهي ردود متعجرفة تعكس مدى عدم اكتراث الحكومة بالتعليم، كونه لا يمثل أي قيمة تذكر بالنسبة لهذه الحكومة.

وأردف الماس: نتمنى من رئاسة المجلس الرئاسي والحكومة الحالية، إيلاء عملية التربية والتعليم في البلاد الأهمية التي تستحقها، حيث لا يتحقق ذلك الطموح إلا من خلال التركيز على الكادر التربوي العامل، والعمل على تحسين مستوياتهم المعيشية.

المدارس الخاصة ظاهرة لافتة:

وأشارت التربوية والأديبة عيشة صالح محمد إلى أن انتشار المدارس الخاصة بات ظاهرة لافتة، حيث أصبحت ملاذًا للنخب القادرة على الدفع، في وقت يعجز فيه كثير من أولياء الأمور عن توفير رسومها المرتفعة. 

وأضافت: ومع استمرار إغلاق المدارس الحكومية نتيجة الإضرابات، وجد أبناء الطبقة المتوسطة والفقيرة أنفسهم محرومين من حق أساسي هو التعليم. العام الدراسي الجديد على وشك أن يبدأ، لكن لا حلول جذرية تلوح في الأفق، والمعلمون يواصلون إضرابهم احتجاجًا على تأخر الرواتب وسوء أوضاعهم المعيشية.

واستطردت قائلة: وفي ظل غياب أي تحرك حكومي فعّال يظل التعليم محصورًا بمن يستطيع الدفع، فيما يضيع مستقبل آلاف الطلاب والطالبات خلف أبواب المدارس المغلقة. الموضوع يحتاج وقفات جادة من المسؤولين، وإلا سيؤدي ذلك إلى تشكل فجوات داخل المجتمع، ونشوء مشكلات أصعب من المشكلات الحالية.

وفي الختام، أوضحت شيماء البلي، المكتب الإعلامي لدى وزارة الكهرباء - عدن، قائلة: بشكل عام المدارس الحكومية لا تزال مغلقة، أمام بعض التحديات التي تعود إلى الحرب والصراع في البلاد. وفقًا لتقرير لجنة دولية، فإن جميع المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية في البلاد مغلقة، وتسرب أكثر من مليوني طفل من التعليم. 

كما أشار تقرير آخر إلى أن هناك 1600 مدرسة مغلقة في عموم المحافظات المحررة، مما أدى إلى حرمان مليون وثلاثمائة ألف طفل من مواصلة دراستهم.

وتابعت البلي قائلة: تأثير الحرب على التعليم واضح، حيث تعرضت العديد من المدارس لأضرار جزئية أو تدمير كامل، وتم استخدام بعضها لأغراض عسكرية. هذا الوضع أدى إلى حرمان العديد من الأطفال من حقهم في التعليم، وتأثيرات سلبية على مستقبلهم.

واختتمت حديثها بالقول: من الصعب تحديد موعد محدد لفتح المدارس الحكومية، حيث يتوقف ذلك على تحسن الوضع الأمني والسياسي. ومع ذلك، فإن الجهود مستمرة لتعزيز التعليم وتحسين الوضع التربوي في البلاد. من المهم أن تُبذل جهود حكومية ودولية لضمان عودة المدارس إلى العمل، وتوفير تعليم آمن ومستقر للأطفال.