النازحين الى العاصمة عدن والجنوب .. "الظاهرة ، الأسباب ، المخاطر ، الأثار والمعالجات "

 

 

النزوح هو ترك الشخص منطقته قسريا لأسباب امنية او اقتصادية او طبيعية ليستقر في مكان آخر تنتفي فيه اسباب النزوح.

والنازحون هم اشخاص اجبروا على النزوح عن ديارهم ومواطنهم الاصلية إلى مواطن أخرى افراد او جماعات، وذلك لتجنب اثار الحروب والنزاعات المسلحة وحالات العنف وانتهاك حقوق الانسان أو في حالات الكوارث الطبيعية.

وفي حالتنا هذه موضوع النقاش فان السبب الرئيسي الظاهر للنزوح هو الصراع المسلح في مناطق النزوح مما يعرض حياة المواطنين للخطر وعدم الاستقرار.

 هناك فئتين من النازحين الى عدن والجنوب 

الفئة الاولى :
 تمثل النازحين من اليمن الشقيق الى عدن والمدن الجنوب (موضوع المداخلة) .

الفئة الثانية :
تمثل اللاجئين الافارقة الوافدون عبر الأشرطة الساحلية للعاصمة عدن ولحج وابين وشبوة وتتوجه مشيا على الأقدام باتجاه الشمال بغرض الوصول الى السعودية. ويوجد ما يقرب من 100 الف من المهاجرين الجدد من اثيوبيا والصومال منتشرين في جولات القاهرة والملعب والشيخ والممدارة وخور مكسر وغيرها. (ليس ضمن موضوع المداخلة).

"ظاهرة واسباب النزوح الى عدن والجنوب "

تشير المعلومات والبيانات المحلية والدولية إلى ان الحرب في اليمن قد ادت إلى نزوح اكثر من 5 ملايين من اليمنين عن ديارهم خلال الست السنوات الماضية، إلى الداخل او الخارج.

ومن وجهة نظري فان هناك نوعين من النزوح من حيث اسباب النزوح وتحديد وجهة النزوح :
- نزوح عفوي : وفية ينزح الشخص من منطقته الى اقرب منطقة تنتفي فيها اسباب النزوح ويكون النزوح بشكل فردي او جماعي وعشوائي. ويكون النزوح مؤقت (مثلما هو حاصل في الضالع ومكيراس وبعض مناطق الجنوب) .

- نزوح موجة : وفية ينزح الشخص الى منطقة محددة سلفا مهما كانت بعيدة عن منطقته وذلك بناء على اجندات ودوافع يتم تحديدها من قبل الاشخاص او المنظمات او جهات حكومية او اهلية ويكون فيها النزوح بشكل فردي او جماعات ولكنة يتسم بالتنظيم والتنسيق المسبق وتأمين وصول هؤلاء النازحين الى المنطقة المستهدفة ، ثم يتحول النزوح الى نزوح دائم واستيطان ( نزوج ابناء العربية اليمنية الى الجنوب).

"لمحة عن نزوح اليمنيين الى عدن "

كانت مدينة عدن قد استقبلت موجات من النازحين والهجرات الجماعية القادمة إليها من الشمال خصوصا في حقبة انتعاش ميناء عدن وازدهار الحركة التجارية والسياحية فيها في حقبة الاحتلال البريطاني لعدن والجنوب، واستقر معظمهم في عدن بشكل دائم. وهذا شجع الكثير من ابناء اليمن الشقيق على تحديد عدن كأكثر وجهة للنزوح.

كما استقبلت عدن الكثير من النازحين إليها في الفترة من ١٩٦٧م الى ١٩٩٠م . واكثرها كان النزوح الناتج عن الصراع في المناطق الوسطى من اليمن، حيث نزح الكثير من السكان من هذه المناطق باتجاه الجنوب وبالذات عدن واستقروا فيها.

وفي حقبة ما بعد احتلال الجنوب في صيف ١٩٩٤م وحتى ٢٠١٥م شهدت عدن وبقية محافظات الجنوب موجة نزوح كبيرة ومنظمة وموجهة تمثلت في الوافدين من اليمن الشقيق بهدف التغيير الديمغرافي في الجنوب.

الأمناء نت في 2020-03-10 قالت : كشف تقرير رسمي مفصل اعدته وزارة التخطيط والتعاون الدولي نهاية العام 2019م، عن عدد النازحين الذين وصلوا الى العاصمة عدن بسبب الحرب. وقال التقرير بأن العاصمة عدن استقبلت (3 مليون و642) نازحًا شماليًا – عاد بعضهم الى مواطنهم (بقي فيها اكثر من مليون ونصف نازح) - وهو عدد اعتبره مراقبون بأنه يفوق عدد سكان عدن الا ان التقرير لم يظهر إلى العلن لأسباب سياسية.

مراقبون قالوا : "ان عدن تعتبر من اكبر العواصم في العالم بالنسبة الى عدد السكان التي استقبلت النازحين في ظل عدم وجود اي مشاريع للكهرباء والمياه والصحة والتعليم وغيرها وهو ما فاقم حجم المشكلات الخدمية في عدن".

"مخاطر واثار النزوح الى عدن والجنوب "

لعل أكثر حالات النزوح من العربية اليمنية وبالذات من محافظتي تعز والحديدة إلى محافظة عدن كانت بعد تحريرها من المليشيات الحوثية في يوليو 2015م وبقية مناطق الجنوب بما فيها المهرة البعيدة جدا عن مناطق النزوح، حيث استقبلت مدن الجنوب وبالذات عدن اعداد كبيرة من هؤلاء النازحين الذين شكلوا عبء كبير على سكان هذه المدن وخدماتها التي لم تكن لتغطي احتياجات السكان المقيمين فيها، وهو الأمر الذي ضاعف من معاناة سكان هذه المدن.

كما ان حركة النزوح هذه لم تلقي أي اهتمام من قبل الحكومة اليمنية والتحالف والمنظمات الدولية اكان من حيث تجهيز المخيمات البعيدة عن المدينة للنازحين أو تحسين الخدمات في المدينة بما يتناسب مع الزيادة السكانية للنازحين لا يستبعد ان يكون ملف النازحين في عدن والجنوب الهدف منها خلق مزيدا من الازمات ويلاحظ القدرة المادية التي يمتلكها النازحين بالعاصمة حيث يقومون ببناء مساكن عشوائية في مناطق تنعدم فيها الخدمات على سفوح جبال عدن والمناطق التاريخية الأثرية وتشويه وجهه عدن الجمالي ، مما يدل على ان النزوح موجة وله أجندته الخاصة ،
وبالتالي فان ملف النازحين يمثل تهديد اني ومستقبلي للعاصمة عدن وبقية مناطق الجنوب.

ويمكننا هنا الاشارة الى بعض الاثار الناتجة عن تدفق النازحين الى عدن :

- زيادة الكثافة السكانية في المدينة وبالتالي زيادة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في المدينة التي تشهد اهمال حكومي متعمد.

- ارتفاع ايجارات المساكن وأسعار العقارات والاراضي والبناء العشوائي، والسطو على المتنفسات والمعالم الاثرية وتشويه جمال المدينة.

- زيادة استخدام الخدمات العامة في المدينة التي لا تغطي حاجة السكان الاصليين مثل : التعليم والصحة والكهرباء والمياه والصرف الصحي وحركة السير.

- نقل الامراض الوبائية المعدية الى عدن ومدن الجنوب

- منافسة السكان الاصليين في سوق العمل وتفاقم مشكلة البطالة. وترتيب الوضع الوظيفي للنازحين في عدن والجنوب على حساب الشاغر الوظيفي المخصص لسكان المدينة وبالتالي ارتفاع مستوى البطالة والفقر بين السكان في ظل غياب المشاريع التنموية.

- الكثير من النازحين من المهمشين وذوي السوابق. مما ادى الى انتشار السرقات والتسول والجريمة والاختلالات الامنية وقد ثَبُت وبما لا يدع مجالاً للشك أن الدراجة النارية اكثر أدوات الإرهاب استخداما. و 90% من سائقي هذه الدراجات النارية هم من النازحين المهمشين ومعظمهم بدون إثباتات هوية (المهمشين من ذوي البشرة السمراء النازحين الى عدن وصل عددهم ما يقارب 400 الف نسمه.

وتكمن خطورة المهمشين أنهم مسلحين ويتم استخدامهم في عمليات القتل والسرقة عن طريق الاستقطاب أو تشكيل العصابات ويلاحظ انه بعد كل عملية اجرامية يتم القاء القبض على المنفذين ونسبه كبيره منهم من النازحين المهمشين واعترافاتهم موثقة في مراكز التحقيق. الى جانب نشر البناء العشوائي الاكواخ واحتلالهم لمناطق واسعه من عدن في المحاريق والسيلة والبساتين والممدارة والقاهرة وكريتر في الطويلة والخساف والمعلا في جبل شمسان وحي كاسترو وردفان والداهوفا وحافة الريل والتواهي في بندر جديد والشولة.

كلنا يتذكر كيف ساعد المهمشين الحوثيين في حرب 2015م في كثير من احياء العاصمة عدن التي سقطت بيد الحوثي من التبليغ عن المقاومين وسرقة بيوت المواطنين (وعدد المهمشين في تزايد ونسبة المواليد بينهم كبيره وسيشكلون خطراً على التركيبة السكانية وربما سيصبحون اغلبية في مدينة عدن مستقبلا.

- استخدام ملف النازحين من قبل جهات تضمر العداء للجنوب في محاولة لإحداث تغيير ديمغرافي في عدن والجنوب

"معالجات النزوح الى عدن والجنوب"

• انشاء قاعدة بيانات بالنازحين وتعزيز نظم إدارة المعلومات التي تدعم جمع البيانات.

• ضبط ورصد حركة النزوح الى الجنوب. والرصد الميداني الدقيق. وتكليف كل عقال الحارات جمع معلومات متكاملة عن كل النازحين في أحيائهم السكنية .

• ايواء النازحين في مخيمات بعيدة عن التجمعات السكانية الكبيرة في المدينة.

• التنسيق مع المنظمات التابعة للأمم المتحدة ودول التحالف والحكومة اليمنية للقيام بواجبها تجاه النازحين وذلك بإنشاء وتجهيز المخيمات وتوفير المواد الغذائية والايوائية والصحية والخدمات الضرورية ورعايتهم والاشراف عليهم.

• تشجيع عودة النازحين الى ديارهم بالذات النازحين الذين انتفت لديهم اسباب النزوح.

وحث المنظمات ذات العلاقة بتعزيز الدعم في المناطق التي يتم تحديدها كمناطق آمنة لعودة الأشخاص النازحين.

*رئيس ادارة الخدمات والشؤون الاجتماعية بالقيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بالعاصمة عدن
٢٢ أكتوبر ٢٠٢٠م