قضية شعب الجنوب والشرعية الدولية.. تسأؤلات: كيف ساهم المجلس الانتقالي في شرعنة القضية الجنوبية دولياً؟

يرى مختصون في القانون الدولي أن وصول الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي - نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي (المعترف دولياً به)، إلى مقر الأمم المتحدة، ومشاركته في الدورة الـ 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الفترة من 24 الى 28 سبتمبر 2024م، التي تعد الجهاز الرئيس لصنع السياسات في المنظمة، تضم في عضويتها كافة الدول الأعضاء الـ 193 دولة.. تتيح المجال للمناقشة متعددة الأطراف لنطاق كامل من القضايا الدولية التي شملها ميثاق الأمم المتحدة، وإلقائه كلمة أمام مجلس الأمن الدولي يوم 25 سبتمبر 2024م، تطرق خلالها إلى قضية شعب الجنوب، وكذا حضوره منتدى دافوس بسويسرا خلال الفترة من 20 إلى 24 يناير 2025م، وحديثه في المنتدى وإلى وسائل الإعلام العالمية والعربية، بأن عودة دولة الجنوب ستحقق الاستقرار والرخاء لشعبنا في الجنوب ولشعب الشمال الشقيق.
كما جدد التأكيد على أن الحديث عن وحدة اليمن ينافي الواقع القائم على الأرض.. جاء ذلك خلال حديثه لـ "رويترز" قائلاً: "عندما نصبح دولتين سيتم حل الصراع"، في إشارة واضحة منه إلى أن الأزمة اليمنية لن تحل إلا بحل الدولتين، بالعودة إلى حدود ما قبل العام 1990م.
كل تلك التحركات والتصريحات العلنية الجريئة لم تأتي من فراغ، وإن دلت على شيء فإنما تدل على أن تحركات الرجل (شرعية)، وأن الكيان السياسي الذي ينتمي إليه يعتبر (شرعي) ألا وهو المجلس الانتقالي الجنوبي، المفوض شعبياً وسياسياً بحمل القضية الجنوبية، وأحد روافد الشرعية اليمنية المعترف دولياً بها.. وعليه، فإن القضية الجنوبية تعتبر مشرعنة دوليًا ولم يتبقَ سوى الاعتراف الرسمي بها.
الرئيس الزُبيدي يستمد قوته من شعبه ومن قضية الجنوب العادلة:
لولا القضية الجنوبية لما وجد المجلس الانتقالي الجنوبي، ولولا المجلس الانتقالي الجنوبي، بقيادة الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، لما وصلت القضية الجنوبية إلى جميع المحافل الإقليمية والدولية. لذا، فالعملية تكاملية سياسية بامتياز، بحسب محللين، الذين يرون أن الرئيس الزبيدي يستمد قوته من حاضنته الشعبية الجنوبية الممتدة من المهرة شرقاً إلى العاصمة عدن وباب المندب غربًا، ومن القضية الجنوبية التي أوكل بحملها. ولقد بذل الرجل جهوداً غير عادية حتى أوصل قضية شعب الجنوب إلى مواقع صنع القرار الدولي، وكان خير من حمل الأمانة، ويوشك بالحكمة والصبر وبالعلاقات الدولية التي نجح في إقامتها أن يصل بسفينة الجنوب إلى مبتغاها.
"من يكون مع بطنه لن يكون مع وطنه"
في سياق منفصل، خط الدكتور محمد حيدرة مسدوس، في وقت سابق، بإحدى حلقاته التنويرية ضمن سلسلة "إصلاح العقول يساوي الحلول" منشوراً قال فيه:
١/ إن من يمارس السياسة من أجل الفيد أو حتى من أجل المردود المالي للمنصب، أو من أجل مركز قيادي في السلطة للشهرة...إلخ، يكون قد فقد (وطنيته)، لأن معيارها الوحيد (النزاهة)٠
٢/ لقد جائتني رسالة من (حراكي) قديم، قال فيها: نحن ناضلنا وتعبنا وأصبحنا ضائعين، ولم نستفد بشيء. وقلت له: لو أن النضال الوطني مقابل مكافئة لأصبح ارتزاقاً وليس نضالاً٠
٣/ إن النضال هو من أجل الوطن وليس من أجل (الذات)، وهو مشروط موضوعياً (بالنزاهة)، فمن لم يكن نزيها وبعيداً عن الذاتية يستحيل موضوعياً أن يكون وطنياً.
٤/ إن الفهم الخاطئ للنضال الوطني قد جعل البعض يذهب مع خصوم قضية وطنه بحجة أنه مهمش، ولم يدرك بأنه فاقد وطن وهوية، وأن الوطن (يسمو) على ما عداه٠
٥/ إنه فاقد (وطن وهوية) وليس سلطة، وقضية الوطن لا يوجد فيها تهميش، لأن المجال مفتوح لمن يريد أن يصارع خصوم القضية، فليس هناك مجال للتهميش إلا في قضايا السلطة.
٦/ إن المجال مفتوح لمن يريد أن يصارع خصوم وطنه، أما من يريد أن يصارع أخاه الجنوبي فهذا عيب وطني، لأنه على حساب القضية، حتى وأن جاء كرد فعل على ما يعتبره تهميشاً.
٧/ إننا إذا ما احتكمنا للواقع نجده (يعيب) على من يذهب مع خصوم قضية وطنه نكايةً بالانتقالي، و(يعيب) على الانتقالي عدم قيامه جبهة وطنية تضم الجميع.
٨/ إن قلة البصيرة عند الجميع جعلت الانتقالي لا يشعر أنه بحاجة لمن يعينه على استعادة الوطن، وجعلت من يخاصمه لا يشعر بأهمية الانتقالي للقضية وتضحياته من أجلها٠
٩/ إن الواجب الوطني يلزم الانتقالي بقيام جبهة تضم الجميع، على أساس (استعادة الوطن والاتفاق على مستقبله)، ويلزم الٱخرون بضرورة الاستجابة إليه.
١٠/ إن الانتقالي ضحى من أجل القضية أكثر من غيره، ومازال يضحي من أجلها. وبالتالي لا شك في إخلاصه لها، وعلى الجميع الاعتراف بذلك وعدم نكرانه٠
ختامًا..
كل المعطيات تدل على أن الرئيس الزُبيدي لم يتراجع قيد أنملة عن قضية شعب الجنوب، ولا عن مشروع الجنوبيين الكبير في استعادة الدولة الجنوبية جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الفيدرالية، بل لا يزال ثابتاً على عهد الرجال للرجال الذي قطعه أمام شعبه في ميادين الشرف..