النزوح اليمني الممنهج إلى الجنوب .. ناشطون جنوبيون: القوى اليمنية استثمرت النازحين لضرب وإفشال مشروع استعادة الدولة الجنوبية..!

انتقالـﮯ العاصمة /تقرير /خاص

 

يرى ناشطون جنوبيون أن العمليات العسكرية الأمريكية الأخيرة، التي انطلقت وبعنف غير مسبوق في 15 مارس 2025م، وما رافقها من حصار وضغوط اقتصادية ضد جماعة الحوثيين في اليمن الشقيق، تفاقم أزمة نزوح اليمنيين إلى الجنوب، وتتفاقم خطورتهم على شعب الجنوب بشتى المجالات.. مؤكدين استثمار قوى يمنية لقوافل النزوح اليمني تلك، حيث شكلت عبرها ضغوطاً سياسية واجتماعية واقتصادية وأمنية وجغرافية وثقافية على الجنوبيين، لضرب وتمييع النسيج الاجتماعي والسياسي الجنوبي، وإحداث تغييرات ديموغرافية ببعض المحافظات الجنوبية، عبر شراء أراضٍ وعقارات، وتشييد منازل ومحلات تجارية، وعقد صفقات زواج مغرية، وتوثيق أواصر النسب، وغيرها من طرق التسلل والانغماس والتمكين التدريجي، وصولاً إلى الحصول على الجنسية الجنوبية والإقامة الدائمة.

وقال ناشطون جنوبيون: إن القوى اليمنية - سواءً حوثية أو إخوانية أو عفاشية، داخل وخارج إطار الشرعية اليمنية - استثمرت موجات النزوح اليمني القادم إلى الجنوب ودعمته بكل وسائل التمكين، وتسعى لتحويله إلى مشروع استيطاني دائم لضرب وإفشال مشروع استعادة الدولة الجنوبية.. مطالبين المجلس الانتقالي الجنوبي باتخاذ كل ما يلزم لإفشال ذلك المخطط اليمني القادم إلى الجنوب عبر بوابات إنسانية مشبوهة. 

أمراض معدية وضغوط اقتصادية وخدمية وتهديدات أمنية:

وكانت مصادر رسمية جنوبية قد أكدت، في وقت سابق، أن الكم الهائل من عمليات النزوح اليمني القادم إلى الجنوب غير عقلاني ولا منطقي، ولا يتوافق مع بنود القانون الإنساني الدولي، وأن إرادة ودوافع سياسية خبيثة تقف خلفه، لا سيما وأغلب محافظات الجنوب غير مهيأة ولا قادرة على استقبال وإيواء كل تلك الأعداد، كونها تعاني تدميراً مسبقاً لبناها التحتية بسبب الحرب الظالمة الحوثي عفاشية التي شنت في العام 2015م، كما تعاني أزمات إنسانية اقتصادية وخدمية قاتلة، وبحاجة إلى مساعدات إنسانية دولية، لا إلى زيادة الطين بلة بالزج بملايين النازحين اليمنيين إليها.

مطالبين السلطات الجنوبية والمنظمات الدولية بإعادة النظر في عمليات النزوح تلك، ووضع ترتيبات مسبقة ومخيمات نظامية لإيوائهم على الحدود على أقل تقدير.. مشيرين إلى أن عمليات النزوح فاقمت الأوضاع الإنسانية في الجنوب، الصحية والخدمية والاقتصادية، وأصبحت تشكل تهديداً أمنياً على حياة وممتلكات أبناء الجنوب لما يرافقها من عمليات إجرامية، كان آخرها إحباط محاولة اختطاف فتاتين بالعاصمة عدن مطلع أبريل 2025م.
حيث تمكنت قوات القطاع الخامس للحزام الأمني بالعاصمة من القبض على ثلاثة أشخاص من نازحي محافظة الحديدة، حاولوا خطف فتاتين بمدينة الشعب في العاصمة عدن. إلى جانب انتقال الكثير من الأمراض المعدية. 

بالإضافة إلى هيمنة أولئك النازحين على مصادر المساعدات الإنسانية وسوق العمل، ما أدى إلى تفاقم معدل البطالة والفقر بين أوساط شباب الجنوب، وحرمان الأسر الجنوبية الفقيرة المتعففة من المساعدات الإنسانية، وبات أغلبها يعاني ظروفاً مأساوية مؤلمة في البيوت. 

حمل يتضاعف على كاهل الجنوبيين:

وأكد ناشطون أن الحمل على كاهل الجنوبيين تضاعف بسبب التوسع غير المنضبط للنزوح، إلى جانب سوء إدارة ملف الدعم الإنساني من قبل بعض المنظمات الدولية، وغياب استراتيجية واضحة تضمن العدالة في توزيع المساعدات، مما أدى إلى تهميش السكان الأصليين لصالح النازحين، وهو ما يُحدث خللاً في النسيج المجتمعي ويهدد الاستقرار المحلي.

واستنكر جنوبيون ما أقدمت عليه الأمم المتحدة في اليمن وبرنامج التنمية الإنسانية التابع للمؤسسة الخيرية لمجموعة هائل سعيد أنعم مطلع فبراير 2025م. بالتوقيع على اتفاقية لتوطين أكثر من 4 ملايين نازح يمني في الجنوب، ضمن ما أسموها بالحلول المستدامة، مشيرين إلى أن ذلك العمل يفاقم مشاعر العداء والكراهية ويساهم في إراقة المزيد من الدماء في الحاضر والمستقبل. 

أزمة تتفاقم يقابلها انعدام الحلول:

في السياق، حذرت تقارير دولية حديثة من تصاعد جديد في موجة النزوح الداخلي في اليمن، متوقعة أن يصل عدد النازحين بحلول نهاية العام الجاري 2025م إلى 5.1 مليون شخص، بحسب صحيفة الشرق الأوسط. وأشارت في الصدد إلى أن المجلس الدنماركي للاجئين، في تقرير حديث له بعنوان: «توقعات النزوح العالمي لعام 2025»، لفت إلى أن اليمن يحتل المرتبة الخامسة عالمياً من حيث حجم أزمة النزوح الداخلي، مع وجود 4.8 مليون نازح حالياً، مُعظمهم من النساء والأطفال، يعيشون في حالة نزوح متكرر وممتدة لسنوات، مع فرص شبه معدومة للعودة إلى ديارهم.

وتوقع المجلس الدنماركي أن تتصاعد أزمة النزوح الداخلي في اليمن، ليبلغ عدد النازحين بحلول نهاية 2025 نحو 5.1 مليون شخص، وسط استمرار الصراع الدامي والانهيار الاقتصادي الذي يدفع البلاد نحو أوضاع إنسانية أكثر تدهوراً.

وطبقاً للتقرير، فإن استمرار العنف وتداعيات الحرب التي طالت عقداً من الزمن، بالإضافة إلى الانهيار الاقتصادي وتردي الخدمات الأساسية، لا تزال تُغذي حلقة مفرغة من النزوح والمعاناة، مع تأكيد أن 80 في المائة من النازحين يعتمدون بشكل كلي على المساعدات الدولية للبقاء على قيد الحياة.
وحذر التقرير من تفاقم الكارثة الإنسانية، مبيناً أن عدد النازحين قد يرتفع بنحو 400 ألف شخص إضافي بحلول نهاية 2026، وسط تدهور متسارع للأوضاع.
ويحتاج نحو 19.5 مليون يمني (ما يقارب 55 في المائة من السكان) إلى مساعدات إنسانية عاجلة خلال العام المقبل، في حين يُعاني 17 مليوناً من انعدام الأمن الغذائي الحاد، منهم 5 ملايين على شفا المجاعة.

ختامًـــــــــــا..
لقد أفرز ملف النازحين اليمنيين في الجنوب تداعيات اقتصادية وخدمية واجتماعية كارثية خطيرة، وبات أشبه بالقنبلة الموقوتة. وتوقع خبراء أن يجني شعب الجنوب الثمار السلبية في الحاضر والمستقبل إن لم يتم تدارك الوضع قبل خروجه عن السيطرة.
مؤكدين أن ذلك يتطلب موقفاً موحداً يدعو للعودة الطوعية للنازحين اليمنيين إلى مناطقهم الأصلية في اليمن الشقيق، ورفض محاولات تغيير الهوية السكانية للمحافظات الجنوبية.
وضرورة وضع استراتيجية وطنية وإقليمية للتعامل مع ملف النزوح اليمني القادم الى الجنوب، تضمن الحفاظ على النسيج المجتمعي المحلي، والمطالبة بإعادة النظر في آلية توزيع المساعدات من قبل المنظمات، وضمان شمول أبناء المحافظات الجنوبية في برامج الدعم، وتعزيز الشفافية في عمل المنظمات الإغاثية، ومطالبة السلطات المحلية في عموم محافظات الجنوب برفع تقارير دورية حول توزيع المساعدات.