الأجهزة الأمنية بالعاصمة عدن له بالمرصاد رغم شح الإمكانيات.. "المخـــــــــــــدرات" سلاح الأعداء لتدمير شباب الجنوب وزراعة الفوضى..!

انتقالـﮯ العاصمة /تقرير /خاص

 

في الآونة الأخيرة تصاعدت وتيرة تهريب المخدرات إلى العاصمة عدن والترويج لها بأوساط الشباب، كميات كبيرة أوشكت أن تفتك بشباب العاصمة لولا فضل الله ثم يقظة رجال الأمن، فخلال فترات زمنية متقاربة نجحت الأجهزة الأمنية بالعاصمة عدن في إحباط تمريرها وألقت القبض على عدد من المهربين والمروجين، آخرها نهاية شهر يونيو 2025م، حيث تمكّنت قوات الحزام الأمني بالعاصمة عدن من إحباط عملية إدخال كمية كبيرة من الحبوب المخدرة نوع "برجبالين" إلى العاصمة، في عملية نوعية تُعد من أكبر الضبطيات خلال الفترة الأخيرة، في إطار الجهود المستمرة لمكافحة تهريب وترويج المواد المخدرة.

وأكد العميد جلال الربيعي، أركان قوات الحزام الأمني، قائد القوات في العاصمة عدن، أن العملية جاءت عقب تنسيق مشترك مع أحد ضباط وحدة حماية الأراضي، حيث جرى رصد مركبة مشبوهة وتعقّبها من قبل قوات الطوارئ التابعة للقطاع السادس إلى أطراف مديرية دار سعد، حتى تم ضبطها.

وقال العميد الربيعي "إن أمن العاصمة عدن خط أحمر، ولن نتهاون مع أي محاولة تستهدف إفساد المجتمع، أو النيل من أمن المدينة واستقرارها، فخطر المخدرات لا يقل فتكاً عن الحروب والإرهاب"، مشدداً على أن العملية تأتي في إطار سلسلة من الجهود المتواصلة التي تبذلها قوات الحزام الأمني في التصدي لعمليات تهريب وترويج المواد المخدرة.

وأوضح أن التحقيقات الأولية كشفت عن أن الشحنة تم تهريبها عبر البحر والسواحل، ضمن محاولات إجرامية تستهدف أمن العاصمة عدن واستقرار الجنوب، مشيراً إلى أنه تم تحديد هوية المتورط الرئيسي، ويجري حالياً العمل على ملاحقته لضبطه وتقديمه للعدالة.

وأشار العميد الربيعي، إلى أن الكمية المضبوطة جاءت على النحو الآتي:
نوع المادة: برجبالين
عدد الكراتين: 12 كرتوناً
عدد الباكتات: 4,308 باكت
عدد الشرائط: 43,086 شريطاً 
إجمالي الحبوب: 646,290 حبة
التركيز: 300 ملغ.

كما دعا العميد الربيعي، في ختام تصريحه، شرفاء عدن وأولياء الأمور إلى ضرورة مراقبة أبنائهم ومساندة الأجهزة الأمنية من خلال الإبلاغ عن أي مشبوهين، مطالباً بتكاتف جهود المجتمع، بما في ذلك أئمة وخطباء المساجد، والمدارس ومنظمات المجتمع المدني، واللجان المجتمعية ووسائل الإعلام، وكل الفئات الاجتماعية، لتسخير جهودهم وأقلامهم لحملة التوعية ضد المخدرات، وتعزيز الوعي المجتمعي، ومواجهة هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد سلامة المجتمع وتماسكه.

المخدرات تدمير للشباب والأسرة والمجتمع:

إشاعة الفوضى وحدوث اختلالات أمنية وإفقاد المدن الجنوبية استقرارها وسكينتها، أحد الأهداف التي يسعى الأعداء إلى تحقيقها عقب فشلهم العسكري والسياسي. وكانت المخدرات هي السلاح الأقذر بتلك الحرب، التي عبرها يتم تدمير الشباب وتفكيك الأسرة وتمزيق المجتمع، وضع مزرٍ يهدد مستقبل الوطن برمته تطمح القوى المعادية الوصول إليه.

المخدرات ليست آفة جديدة على المدن، لكنها في العاصمة عدن أتت في وضع استثنائي ، لا سيما لا تزال العاصمة تمر بمرحلة النقاهة عقب تحريرها من مليشيات الحوثي عفاشية الإرهابية، وكذا دخولها في أتون حرب جديدة أقذر من السابقة، حرب خدمية اقتصادية أصابت معيشة المواطن الجنوبي في مقتل. تفشى معها الجوع والفقر وكذا الجهل الذي برز مع تعطيل العملية التعليمية، وانتشرت البطالة والانحراف بأوساط الشباب. كل ذلك شكل بيئة خصبة مناسبة لانتشار المخدرات، محاولات ممنهجة لضرب الأمن عبر وسائل غير تقليدية. وفي المقابل، تقف الأجهزة الأمنية ووحدة مكافحة المخدرات رغم شح الإمكانيات لتلك الآفة وتجارها بالمرصاد.

الحرب ضد آفة المخدرات كبيرة ومعقدة وغير سهلة، مرتبطة بالفرد والأسرة والمجتمع، ليست مسؤولية الجهاز الأمني وحده، بل هي مسؤولية مجتمعية شاملة، فالأسرة، المدرسة، المسجد، الإعلام، المجتمع المدني، الشارع، كلّهم جزء من الحرب، وإذا ما نجحت هذه الشراكة في توحيد جهودها تصبح صمام أمان العاصمة عدن والجنوب عمومًا. 

تعزيز وعي الشباب وتحصينه من الفكر المنحرف: 

يلعب الجانب الإعلامي دوراً كبيراً في تثقيف الشباب، من خلال تعزيز الوعي لديهم وتحصينهم من الأفكار المنحرفة الهدامة، وتحذيرهم من رفقاء السوء الذين يعملون على غسل أدمغتهم. ترويج ودعاية ترغيب، يفرشون الأرض بالورود، يستدرجون الشباب إلى عالم الضياع للهروب من الواقع، مستغلين حاجة الشباب الفقراء العاطلين عن العمل إلى المال، مستغلين الأوضاع الاقتصادية القاتلة التي يكابدها شعب الجنوب المكافح الصابر. 

ومن هنا، يتعين على وسائل الإعلام المختلفة بناء وعي جمعي رافض لهذه الآفة، وغرس خطورتها وأضرارها التي لا تحصى على صحة الفرد وعلى اقتصاده وعلى الأسرة والمجتمع في عقول الشباب ومفاهيمهم.

الحرب على هذه الآفة تأخذ شكلاً هرمياً تكاملياً، لا سيما ولدى تجارها قدرات مالية كبيرة وبشرية متخصصة، والبعض منها تقف خلفه دول، وساعد الانفلات الأمني بالمناطق الحدودية وعلى المنافذ البرية والبحرية على تسهيل عملية إدخالها إلى مدن الجنوب ما شكل ضغطاً مضاعفاً على الأجهزة الأمنية. لذا الواجب تكاملي، فرجل الأمن يدافع عن أولادنا وعن شبابنا وعن أسرنا ومجتمعنا، ولا ينبغي أن نتركه وحيداً إذا أردنا هزيمة هذه الآفة.

المخدرات خطر عابر للحدود:

في السياق، وخلال كلمة ألقاها في الفعالية الختامية لأسبوع التوعية المجتمعية بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، والتي أقيمت منتصف يونيو 2025م في العاصمة عدن، تحت شعار: (عدن آمنة.. بلا مخدرات)، وبمشاركة واسعة من الجهات الأمنية والمجتمعية والرسمية، وفي مقدمتها نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين.. أكد اللواء الركن مطهر علي ناجي الشعيبي مدير عام إدارة شرطة العاصمة عدن، أن مكافحة المخدرات تُعد معركة وطنية وإنسانية تستوجب تضافر كافة الجهود الرسمية والمجتمعية، مشددًا على أن تعاطي وترويج المخدرات لم يعد مجرد جريمة جنائية، بل بات يشكل تهديدًا شاملًا لأمن المجتمع وصحة أفراده واستقرار أسره واقتصاد الدولة، 

وأضاف اللواء الشعيبي: إن التوعية هي خط الدفاع الأول في معركتنا مع المخدرات، وهي الأداة الأهم في الوقاية قبل العلاج، وإن كل فرد واعٍ ومدرك لمخاطر هذه الآفة يُعد شريكًا فاعلًا في حماية مجتمعه وأسرته ونفسه.

وأشار الشعيبي إلى أن الشبكات الإجرامية التي تنشط في الاتجار بالمخدرات لا تعترف بالحدود ولا تلتزم بالقوانين، مما يتطلب تعزيز التعاون الإقليمي والدولي، وتنسيقًا معلوماتيًا وأمنيًا عالي المستوى بين الدول، إلى جانب تبادل الخبرات والتجارب الناجحة في مجال المكافحة.

واستطرد قائلاً : إن تحقيق الأمن المجتمعي لا يمكن أن يكون حكرًا على الأجهزة الأمنية فقط، بل هو مسؤولية تشاركية تتطلب تفعيل دور الأسرة، والمدرسة، ودور العبادة، ووسائل الإعلام، وغيرها من مؤسسات التنشئة والتوجيه، لما لها من تأثير مباشر في بناء الوعي المجتمعي ومساندة جهود الأمن.

واختتم الشعيبي كلمته بالتأكيد على المضي قدمًا في هذه المعركة النبيلة بعزيمة لا تلين، مجدداً العهد على الاستمرار في مواجهة هذه الآفة بكل الوسائل الممكنة، حتى نؤسس لمستقبل أكثر أمنًا ونقاءً لأبنائنا وأجيالنا القادمة.

ختاماً..
لا يكمن الخطر فيما أسلفنا، ولكن الأخطر من كل ذلك هو تمكن تجار المخدرات من اختراق الأجهزة الأمنية في بعض المناطق، عبر استمالة بعض ضعاف النفوس الذين يسيل لعابهم عند رؤيتهم الدولارات، والاستعانة بهم في عمليات تهريب وإدخال هذه الآفة إلى المدن الجنوبية.. لذا يتعين على الأجهزة الأمنية الجنوبية تفتيش باطنها وتطهيره من الخونة.